Culture Magazine Thursday  06/06/2013 G Issue 409
أوراق
الخميس 27 ,رجب 1434   العدد  409
 
«آيباد صالحة».. حديث التفاصيل اليومية!
علوان السهيمي
-

 

ربما من الجيد أن تقرأ لشابة خليجية فكرة كتاب جديدة إلى حد ما، لا تندرج تحت طائلة الخواطر والنصوص النسوية المليئة أحياناً بالبكائيات التي لا تكرّس في داخلك نزعة المرأة لحلب الدموع من مآقي الآخرين. هذا ما شعرت به حينما انتهيت من قراءة كتاب الكاتبة الإماراتية الشابة صالحة عبيد حسن والذي حمل عنوان «آيباد.. الحياة على طريقة زوربا»، الصادر عن دار كتّاب الإماراتية هذا العام، فالكتاب عبارة عن يوميات شابة إماراتية في القاهرة، تحكي فيها التفاصيل اليومية التي تمر بها عن طريق كتابة رسائل لحبيب مجهول، وتشعر أحياناً بأن هذا الغائب ما هو إلا صديق غير وفي ليس إلا، غاب عنها ليتركها أمام تفاصيلها اليومية والكتابة، تتحدث في يومياتها عن كل ما يمر بها، وعلاقتها الحميمية مع أخيها أحمد المصري، وهو أخ لها من الرضاعة، وتسرد أحياناً تاريخ الفنون والسياسة، والفكر.

أعتقد بأن اختيار القاهرة كمكان لهذه اليوميات كان موفقاً إلى حد كبير، لأن مصر بيئة خصبة جداً للكتابة، بأطيافها المتعددة، واستيعابها لكل من يسكنها وتسكنه، إضافة للعلاقة الأسرية المعقدة لبطلة هذه اليوميات، وما تتيحه مصر من طقوس اجتماعية تجعل من التقارب الأسري أمراً سهلاً ومهماً في آن واحد.

إن هذا الكتاب إن لم يكن يؤسس لجنس أدبي جديد في الساحة الإبداعية الخليجية، إلا أنه يصب في معترك اليومي من حياة الناس، بلغة في منتهى السلاسة، وهذا ما أبدعت فيه الكاتبة، أنها لم تكتب بلغة لا تتناسب مع اليومي من حياة الأفراد، إنما جاءت اللغة مفصلة تماماً على جنس الفكرة، تلك اللغة التي تحكي التفاصيل الدقيقة من حياة فتاة مراهقة إماراتية ذهبت للقاهرة، وهي مخذولة إلى حد ما من حبيب أو صديق لها يعيش في الغياب.

إلى هذا الحد يمكنني أن اعتبر أن الكاتبة نجحت في كتابها هذا، رغم ما اعترى هذا الكتاب من العودة لوعي وعقلية الكاتبة الخليجية التي عادة ما تكتب وكأن أنثويتها عبئاً عليها، فهي تنظر للحياة بمثالية تزيد عن المعقول، ورومانسية ومجانية ليست من الحياة في شيء، ففي الفترة الأخيرة قرأت ثلاثة كتب لثلاث كاتبات إماراتيات، رواية للكاتبة الإماراتية مريم مسعود الشحي بعنوان «أنثى ترفض العيش»، ومجموعة قصصية للكاتبة الإماراتية مريم ناصر بعنوان «ما بعد حكايا الجن»، إضافة لـ «آيباد» صالحة عبيد، وتفاجأت حينما قرأت وكأنني اقرأ لكاتبة واحدة، فهن يكتبن بنفس الوعي ونفس العقلية، ونفس اللغة في مواطن كثيرة، وهذا لا يقتصر على الكاتبات الإماراتيات فقط، إنما يمتد لعدد من الكاتبات السعوديات والخليجيات بصفة عامة، رسم صورة المرأة المغلوب على أمرها، تلك المصابة بلعنة الخذلان والخيبة، والمهووسة بالمنشورات العاطفية الطويلة في الكتابة، وغياب الإبتكار في أحيان كثيرة، أو بمعنى أدق غياب المغامرة الجمالية التي تفتقر إليها الكاتبة الخليجية في العموم.

إن الكاتبة الخليجية في أحيان كثيرة تصاب بلعنة السخط تجاه أنوثتها، وكأن الأنوثة عيبا، أو كأن المرأة حينما تولد في مجتمع كالمجتمع الخليجي هي تدخل في حرب مستديمة لا تنقطع تجاه علاقتها بالمجتمع وعلاقتها بالناس، لذا ينعكس ذلك على إبداعها وتصبح في صراع لا متناه مع المجتمع، وفي دفاع حول أحقيتها للعيش بشكل كامل، والغريب أن هذا الصراع في كثير من النتاج النسوي يأخذ صبغة واحدة، ولغة واحدة، وشكلاً واحداً، وإن اختلفت المضامين والأجناس الكتابية.

وإذا ما أردنا العودة لكتابة «صالحة عبيد» الأخير، فإنك حينما تقرأ اسما كبيرا كـ»زوربا» على العنوان، فإنك ستفترض بأنك ستجد شيئاً يدل على التمرد على الحياة، والدهشة والغرابة، وهذا ما لم يكن في الكتاب إطلاقاً، فزوربا كشخصية لم تظهر في الكتاب كما يعرف الجميع، إنما جاء بشكل عرضي في قصة البطلة حينما أرادت حضور عرض لرجل يقلّد رقصة زوربا.

لكن رغم كل ذلك أعتقد بأن الكاتبة أبدعت كثيراً في وصف اليومي من حياة الناس، وحياة المراهقات بصفة خاصة، لكن يكفي أن تلتقطه لتبدأه، وستجد نفسك تنهيه دون توقف، وهذا يدل على أن هناك كاتبة جيدة وراء هذا العمل، تستطيع أن تكتب عملا مميزا فيما بعد، إن حاولت أن تعتمد على ذاكرتها الذكورية حينما تريد الاشتغال على نص جديد.

-

Alwan_mohd@hotmail.com - تبوك

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة