أثناء تصفحي لأرشيف جهاز الحاسب الآلي الخاص بي وجدت عدداً من المشاريع الفنية غير مكتملة، بعضها لمسابقات تصميم شعارات من تلك التي تم الإعلان عنها على مستوى المملكة في العام الماضي، كنت قد بدأت في إنجازها بحماس ولكن لم تجرِ الرياح بما تشتهي سفني؛ لقد كانت مشكلة توفر وقت فراغ كافٍ لإتمامها هي العائق الذي جعلني أنسى حتى وجودها كفكرة، ولم تكن وحدها المشاريع الفنية المتعثرة أمامي؛ بل هناك لوحات ورسوم أولية تناديني لاستكمالها، إنها أزمة زمنية في عدم التفرغ للإنتاج الفني، في ظل كون الفن لا يعد مهنة أساسية لعدم الاعتراف بها اجتماعيا، تبقى فسحة الأمل للممارسة التشكيلية متقلصة إلى أدنى حد؛ مقارنة بمن يعيش في مجتمع يؤمن بالفن في كل شيء، تتجاوز حدود اللوحة والمنحوتة لديهم إلى ما يعبر تحت أنظارنا كل يوم من خلال البريد الإلكتروني من فنون غريبة كالنحت على الكتب القديمة أو الثلج أو الفواكه وغيرها، أو الرسم بالقهوة والشريط اللاصق ورسائل البريد، أو الإبداع في تشكيل الظلال بالنفايات أو الرسم على الريش وحبات الأرز، كل هذا يقود تصورنا إلى العبارة الشهيرة “الفنون جنون” وهو ما لم نره ولن نراه في القريب العاجل محلياً إلا نادراً وعلى استحياء.
إن هذه المرونة في التعبير الفني لدى تلك المجتمعات باستخدام كل الطرق والوسائط المتاحة؛ تعكس خصوبة البيئة المحتوية للمبدع وهي بيئة تمتاز بذائقة جمالية اجتماعية منفتحة تشجع بشكل رئيسي على أي أداء ابتكاري ذي بعد جمالي بصري، قادرة على الاعتراف به وإعطائه التقدير الكافي، بينما ما نزال هنا نجاهد في الإبقاء على حصص التربية الفنية ونحاول أن نتحرى الفرص للقيام بتنفيذ مشروع فني مكتمل يخرج لحيز النور بسلام.
Hanan.hazza@yahoo.com