إن ثراء بلادنا التراثي أمر يدعو إلى الوقوف عند كل حزم أو تل أو جبل أو وادٍ فصدق الله حين يقول « أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم « فالذي يسير في جزيرتنا على أقدامه يرى أشياء تذهل من تعاقب التاريخ الإنساني.

وقد ضربت لنا مثلاً موسوعة (وثائق الغاط) التي صدرت عن مدينة من مدن الجزيرة العربية، فقد كشفت هذه الموسوعة الكبيرة عن كنوز معلوماتية لإحدى المدن وهذا يدعونا إلى أن نبحث في بلادنا الجزيرة العربية بل يعلق الواجب الوطني في كل ناحية أن يحاول المثقفون من أهلها البحث في التاريخ وتسجيل مراحله فالجزيرة مهد الانسان الأول وهي مهد الديانات ومهد الحضارات.

إن اهتمام عائلة السديري بمدينة الغاط جعل منها معلماً تاريخياً وحضارياً معاصراً، فالقرية التاريخية في أحضان واديها الزراعي الذي يسرّ الناظرين بشلالاته وقت هطول الأمطار، ويسعد الرأي له بنخيله التي تمثل الأنموذج المعاصر لزراعة النخيل.

فلا ريب أن التاريخ المعاصر سيسجل لأهالي الغاط وآل السديري عنايتهم بالحدائق الجميلة ورعايتهم لمزارع النخيل الشاسعة الواسعة.

وآل السديري وأنموذجهم الذي تعرفت عليه الدكتور :زياد بن عبدالرحمن السديري الذين كثفوا العمل التعاوني في بناء مدينة الغاط المعاصرة. فهم أسسوا مركز الأمير عبدالرحمن السديري الثقافي وهو انموذج للمراكز الثقافية ليت وزارة الثقافة تبني مثيلات له في كل مدينة وهو يستقبل ندوات متنوعة وقد حضرت فيه ندوات عن السياحة وعن الموسوعة (وثائق الغاط) وعن حقوق الإنسان وعن مكافحة الفساد.

وهم قد اعتنوا بزراعة الفيافي الواسعة، فصيرت الغاط مصدراً من مصادر التمور الممتازة في المملكة وقد أذهلني الدكتور: زياد السديري بمعرفته الدقيقة للنخلة وتمنيت عليه أن يصدر كتاباً في ذلك.

إن مؤسسة عبدالرحمن السديري أصدرت هذه الموسوعة (وثائق الغاط) التي سجلت الحياة المجهولة في الجزيرة العربية وعبر القرون تلك الحياة فيها التي تقوم على قيم المعرفة الشرعية والقضائية ومعالم الأسواق، ومعالم التجارة، ومعالم الزراعة، ومعالم بناء الأحياء، وتجارة العقار. وهي تستمد من الحياة العربية والقيم الإسلامية.

وقارئ الموسوعة يقدر للباحث الأستاذ فايز البدراني الحربي جهده ومنهجه وانجازه في سنوات قليلة، وإن تشجيع آل السديري باستقطابه للبحث يعد أمراً محموداً، واتمنى أن تكون هناك مراكز بحثية في المدن يعمل لها نموذج كمنهج هذه الموسوعة لنعمل كلنا من أجل الحفاظ على تاريخ جزيرتنا قبل أن تمتد إلى معالمها ضرورة الحياة المعاصرة فهي التهمت قرية كاملة شمال تبوك وكذلك معالم تاريخية قديمة جدا عثرت عليها الشركات بل شركات الطرق أخفت معالمها ودمرتها. وكذلك يغيب الموت الرواة وتندثر المخطوطات، وتنقطع الأجيال الحديثة عن الأجيال السالفة.

إن رجال آل السديري بخلقهم وكرمهم قد استقطبوا العديد من المثقفين إلى هذه المدينة وهذا أمر يدعو إلى التعريف بنموذج مشرف لجزيرتنا ووطننا وقد استقطب الدكتور السديري عدداً من أعضاء مجلس الشورى إلى هذه المدينة فنحن نكون في ضيافته كل سنة و تقام في هذه الزيارة ندوات ثقافية بل كلها ندوات ثقافية في مسيرها الطويل وفي جلساتها الجانبية ومساءاتها الجميلة وقد اطلعنا على معالم أقاليم المملكة من خلال تجمعنا من مناطق مختلفة في ملتقاه السنوي فتحية وتقديراً للمشرف الدكتور زياد السديري وللباحث فايز الحربي كتب الله ذلك في ميزان حسناتهم.