Culture Magazine Thursday  08/11/2012 G Issue 384
الثالثة
الخميس 23 ,ذو الحجة 1433   العدد  384
 
قال بشار إنه طعنه في ظهره.. الفنان السوري «علي فرزات»:
كنت أول من قدم النصح لبشار لكن وعوده بالحريات كانت مجرد كلام

 

القاهرة – مكتب الجزيرة - أحمد عزمي

يمثِّل الفنان السوري «علي فرزات» حالة خاصة ضمن كتيبة رسامي الكاريكاتير العرب، فهو يعتمد على الترميز في رسوماته، ولا يستخدم اللغة في الكشف عن معنى ما يريده، وهو بهذا المعنى فنان عالمي، يؤمن بأن الكاريكاتير فن قادر على تحريك الشارع، وقد شعر النظام السوري بتلك القوة، عندما حرض «الشبيحة» ضد فرزات فقاموا بتكسير عظامه وأصابوه في يديه، عقابًا له على تناول بشار الأسد في رسوماته.

يقول «فرزات»: إنه بعد هذه المحنة أصبح أقوى من ذي قبل، فالقمع يزيد على الإصرار ويدفع للشجاعة، موضحًا أن الحريَّة لا تقاس بالدماء، والوطن أكبر من الجميع، والحريَّة هبة من الله ولا يجوز لأحد أن يحرم النَّاس منها.

كان «فرزات» ضيفًا على القاهرة منذ أيام وجرى هذا الحوار.

نشأت بينك وبين الرئيس بشار الأسد علاقة صداقة منحك بموجبها تصريحًا لإصدار مجلة «الدومري» لكن الأسد اتهمك فيما بعد بطعنه في ظهره، فما تعليقك؟

- هي ليست صداقة بالمعنى المعروف، وسرعان ما انتهت بمُجرَّد أن تغيَّرت الأهداف، فعندما تولى بشار الحكم كنت أول من قدَّم له النصح، حيث التقى مجموعة من المفكرين والفنانين والرسامين، وعندما سألني: ماذا أفعل؟ قلت له: لكي تكسب الشارع يجب أن تسمح بإصدار صحف خاصة، وعندما سألني: هل في ذهنك ما تقدمه؟ قلت له: هناك مشروع صحافي مستقل بعيد عن الصحافة الرسميَّة وهو «مجلة الدومري».

وبعد صدور أربعة أعداد من «الدومري» صار رجال الأمن يلاحقوننا، لأننا حسب اعتقادهم تجاوزنا الخطوط الحمراء، وحينها أدركت أن وعود «بشار» لنا مُجرَّد كلام، فما نحن إلا سلم للصعود عليه.

أما حينما انتقدته وقال: إني طعنته في ظهره، قلت هو يمتلك الصواريخ والدبابات، ومن يمتلك هذه الأشياء مع «الشبيحة» لا يقارن بمن يمتلك قلمًا في حجم الإصبع، فهل الصداقة ترتبط بتكسير العظام؟.

كل عدد كان يصدر من «الدومرى» كنت تعتقد بمصادرته، لكنَّها أغلقت بعد العدد الرابع الذي هاجم حزب البعث، ما مدى قوة هذا الحزب في سوريا الآن؟

- حزب البعث انتهى منذ بداياته، كان النظام يستخدمه كلافتة، فالنظام كان مجموعة عائليَّة، تبني اقتصادها خارج رحم الاقتصاد الرسمي، عبر مشروعات لها صفة استهلاكيَّة لا إنتاجيَّة، مشروعات تنطوي على أسماء وطنيَّة لكن نتاجها يذهب إلى جيوب المسئولين.

أثناء اندلاع ثورات الربيع العربي لوحظ انطلاق العديد من النكات ألم يضع هذا الأمر رسامي الكاريكاتير في مأزق؟

- هناك نكات أساسها الألم والمعاناة، وهي من أرقى أنواع الفنون، ونسميها الكوميديا السوداء، وأنا أتحدَّث من منطق الفنان الذي يعيش جوًّا مأساويًا، وما أثيره هو البسمة السوداء، والفنان لا يرتبط وجوده بجسده، وما يتبقى منه هو أعماله التي تنفع البشريَّة، فالفنان ليس إلا «بوسطجي» منحه الله الموهبة، وجعله مسؤولاً عنها، وإذا لم تخرج هذه الموهبة فسوف تقتله، فنحن ننقذ أرواحنا من بركان قد ينفجر بداخلنا.

من أين تنطلق رسومات علي فرزات؟

- من معاناتي، فأنا أرسم من موقعي، بمعنى أنني أعدّ تجربتي هي ذات تجربة الشخص العادي، لكن أنا لديّ القلم الذي أنقل من خلاله همي وهمك.

بمن تأثرت من فناني العالم؟

- تأثرت ب»بورني» وهو فنان فرنسي عاش في مصر لفترات طويلة، رسوماته لا تجعلك تشك لحظة في مصريته، وهو يرسم بخطوط تشبه حركة البالية، وكان يرسم كل الشرائح الاجتماعيَّة في مصر، بدرجة عاليَّة، وهو من جعلني أعشق فن الكاريكاتير، وعندما أرى رسوماته الآن أقف أمامها بتواضع.

حصلت على عدة جوائز عالميَّة منها جائزة حريَّة الصحافة الفرنسيَّة، فماذا تمثِّل لك الجوائز؟

- لم تكن الجوائز غايتي لكن الفن هو الذي قادني إليها، وهي بمثابة ضوء يلقي النُّور أمامنا، ومؤشرات تضيف إلينا قدرًا من الشجاعة والحماسَّة، أعتزُّ بهذه الجوائز وأعدّها فانوس رحلة الطريق.

هل تعتقد أن الكاريكاتير أقوى من أحزاب المعارضة العربيَّة؟

- الكاريكاتير يخلق جسورًا من المَحَبَّة بينك وبين النَّاس في الشارع، وبالتالي تكتسب حصانة تدفعك إلى القفز حيث مساحة أوسع من الشجاعة، لا تصدق أن هناك إنسانًا لا يخاف، نحن نحتاج إلى النَّاس كي نتكئ عليهم.

إلى أي درجة يحب علي فرزات الكاريكاتير؟

- للدرجة التي تجعلني أفجر نفسي كاريكاتيريًا، فأنا أرسم نزفًا.

ناجي العلي جعل من الطفل «حنظلة» شخصيَّة رئيسة في رسوماته، فماذا عن شخصيات فرزات؟

- ناجي العلي أول من أطعم الشارع العربي خبز الكاريكاتير، فقد كان يقرأ فلسطين كما لو كان يتنفسها ويحلم بها، وكان «حنظلة» بمثابة شاهد على ما يجري، أما أنا فأعد أن الحدث هو الشاهد الوحيد، لا أريد إلهاء القارئ.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة