كتب إبراهيم التركي
ذو منصبٍ وأعمال.. كذا قيل لنا قبل أن نعرفَه، ثم عرفناه فلم نرَ عليه سيماءَيهما، وبدا لنا غير ما فهمناه من وضعه الوظيفي الحكومي في «وزارة المعارف (التربية)» زمنًا ثريًا، ثم رئيسًا للغرفة التجارية بالرياض وعضوًا ناشطًا فيها دوراتٍ عديدةً، وقد تقاعد إلا من أنشطته التجاريةِ الخاصةِ كما نظن، غير أن هذا كلَّه لا يُهم؛ فالرجلُ متوفرٌ على القراءةِ المكثفةِ موحيًا بتكوينٍٍ ثقافي متميزٍ، يدعمه حضورٌ ذهنيٌ متوقدٌ، ومتابعةٌ نادرةٌ لما يدورُ في الساحةِ المحليةِ والعربيةِ بأوعيتها المختلفةِ؛ يزينه صمتٌ وهدوءٌ وابتسامةٌ ورقيٌ في التعامل والتفاعل، ويؤكده بمجلسه الإثنيني والخميسي المتفرغِ للواقعِ الثقافي والاجتماعي والحديث عن جديد المطابع وآخر الكتابات.
الشيخ محمد بن عبدالرحمن الفريح ذاكرةٌ حيةٌ خصبةٌ لم تنقص منها سِنوه المتجهةُ للعقد التاسع «ظنًا لا يقينًا»؛ فالمؤكد أن روحه شابةٌ، وثقافته متجددة، وموروثه متكئٌ على حافظةٍ ثرةٍ عاصرت فاعتصرت خلاصةَ التجارب القرائية والمجالسات الأدبية والسفرات المنتخبة والسياحة في عالم الكلمة المُحيطيِّ الهادرِ والهادئ معًا، ويُعجبُ من يلتقي به من موسوعية اطلاعه ووفاء معدنه وحرصه على استجلاب الكتاب الجديد مثلما التزامه برد ما قد يستعير من كتبٍ ولو كان المستعار منه قد نسي أو تناسى.
طالبناه بسرد ذكرياته فأجاب بتواضعه الجميل: ليس لدي شيءٌ، وقد وعينا أن من ليس لديهم شيءٌ يحكون ويصمتُ الممتلئون، ولا تثريبَ عليهم؛ فالزمن للمهاذرةِ أقرب؛ حفظ الله شيخنا أبا عبد الرحمن، وأطال ذكره.