واقفٌ... في مُنحنى التيهِ بأبواب الهوى
والأعاصيرُ نشيجٌ وصياحٌ وجوى
قَلِقٌ... والريحُ ضجت ثورةً
بين جنبيكَ... وذئبٌ قد عوى
وبعينيكَ تَنزّتْ دمعة ٌ
شفّها الحزنُ..إذا الحزنُ استوى
وبكفيكَ... كؤسٌ أُترِعتْ
بجراح المتعَبين
وبدمع الحائرينْ
وسُهادِ المثقلين
بعذاباتِ دروبِ الشكِ والحيرةِ...
والغبن ِ الدفينْ
آه.. ما أعذبَ روحاً...
حملتْ كلَ هموم المُجْهَدينْ
وقفتْ عند تخوم البوحْ..
تُرهفُ السمعَ... لأناتِ الحيارى
ولحلم ٍ قد توارى
خلفَ ركبِ التائهين
خلفَ كدح ِالممعنين
بالمفازات...
وخيلُ الليلِ أضناها السُرى
تقتفي في ليلها بُعْدَ الثَوى
وجموعَ الراحلين
أيها الساهرُ... والغربة ُ كأسٌ مرة ٌ
قمتَ في محرابِها شيخاً خلياً
تتساقى مع حواريكَ الظنونْ
في خلاياكَ تمطتْ...
غُصصُ الأكدارِ حرّى..
واستجاشتْ كلُ آهاتِ الشجونْ
في حناياكَ تموجُ الأمنياتْ
وتسيلُ الخطراتْ
كلما أطعمتَها جُرحاً وبوحاً وأنينْ
في هزيع الزمن الأغبرِ...
فاضت عبرةٌ..
وتنزّت حشرجاتْ
وبكاحلِكَ المجروح ِ، غارت طعنة ٌ..
اسبنوزا... قد رماها منذ ُ آمادِ السنينِْ...
ثم مات.
واقفٌ... في حضرةِ الموتِ..
في عُتمةِ الخوفِ... وفُقدان اليقينْ !!
في انثيالات بُكاءِ الخائفينْ
وقَذى المنكسرين
هل رأيتَ طارقَ الموتِ الذي يطرقُتا..
في كلِ حين ؟
قدرٌ... ليس لنا فيهِ خيارْ
مثلما جئنا سنمضي..
لن تمارينا الليالي بالرضا... لن نستشارْ.
أيها الواقفُ... في كُوةِ هذا المعبرِ الذاهبِ قسراً
نحو أبعادِ الغيوبْ..
هل رأيتَ بذرةً ساختْ، بترب الأرضْ..
وما اهتزتْ بيوم ٍ للهبوبْ ؟
هل رأيتَ قمراً، أشْفَى على أطراف تلكَ البيدْ
لم يعدْ يطلعُ من بعدِ المغيبْ ؟
هل رأيتَ الشمسَ ضاعت أو تلاشتْ
ثم لم تشرقْ على آفاقِنا بعدَ الغروبْ ؟
أولم يخطرْ على بالكَ...
أن العدلَ... تطبيبُ الكروبْ ؟
أن عدلَ اللهِ.. حقٌ قائمٌ
ويقينٌ، في تلافيفِ القلوبْ ؟
أولم تعلمْ بأنّا قد أتينا...
لسهوبِ الأرضِ، كي نكتبَ في تلك السهوبْ؟
لخُطانا ألفَ معنى
لنُشيدَ بقوانا
بإرادات رِضانا
ألفَ صرح ٍ ألفَ مبنى
بذراعِ العَرق ِ المُضْنىِ الصبوبْ.
أولم تبصرْ رِغَاباً
أُودِعتْ فينا فنحنُ...
لم نزلْ نضربُ تِرحالاً دؤوباً
عبر آلاف الدروبْ ؟
آه... يا أيتُها النفسُ التي قد شربتْ...
كأسَ المخاطرْ
تتغنّى بتراجيع الغوى
تتباهى وتكابرْ
احْتَستْ خمرَ انبهاراتِ وتلويح ِ، هتافِ المعجبين
وأصاختْ لنداءِ المحبَطِينْ
ركبتْ خيلَ الكآباتِ..
وأشجاها الركوبْ
أنتَ يا ظاهرةَ الصوتِ...
تجليتَ على المشهدِ في أوضح ِ صورة ْ
قد هجوتَ الشمسَ..
والبدرَ الذي أرسلَ نورَهْ
وهجوتَ القيمَ العليا ومجّدتَ العيوبْ
وتعاليتَ على برد اليقين
ورجاءِ الصابرين
وعلى الأمجادِ والأجدادِ... أعلنتَ الحروبْ !!!
أيها الواقفُ...
في ليل الأعاصيرِ على أشلاءِ نخلة ْ.
حولكَ السمارُ يبكونَ..
وفي كفيكَ شُعلة ْ.
واقفٌ...
زادُك أبواقٌ وأعناقٌ.. وأنساقُ غَفْلة ْ.
والرياحُ السودُ ما زالتْ بُكاءً..
يَسلبُ العالمَ عقلََهْ.
تتثنّى..
تتلوّى..
تسكبُ الظلمة َ من فكيكَ حتى..
أصبحَ النورُ كئيباً
بعيون الساهرين
والمراراتُ نحيباً
بحلوق ِ الشاربين
وانشطاراً... بحشاشات قلوب السادرينْ !
أيها الضاربُ في التيهِ...
أتدري ما تريدْ ؟
غضبٌ في جوفِ ليلٍ
وبكاءٌ وقيودْ !!
وانكساراتٌ وآهاتٌ
وركضٌ وشرودْ !!
أنتَ لاتملكُ... أن تخرج من قيد السنينْ
من تُراب الأرض.. من خَفْقةِ طينْ
صوتُك الصاخبُ.. صحراءُ بلا أبعادْ
وحشة ُ الليل، بكاءٌ وعِنادْ
لم تُنرْ مسرى العشياتِ...
وما أبصرتََ درباً
وما أضفيتَ ظلاً
وما أنْبَتَّ سدراً..
وما أسقيْتَ نخلاً في بلادْ
- حائل
@solimanalateeq