عندما سرت في مجال الصحافة والثقافة والكتابة وشعرت أن عودي قد صلب وتماسك، ووجدت أن من طبيعتي حب المواجهة والمكاشفة والمصارحة. وأيضاً عندما شعرت أن.. [النضوج].. قد أحاط بي من كثير من جوانب الحياة، وأدركت أن مهمة المثقف أن يقوم بابتكار ووضع الأفكار. قررت أن أضع.. [منهج].. و.. [برنامج].. و.. [أهداف].. من أجل مواصلة السير في دروب.. [الكتابة]..، فوضعت.. [قواعد، وأهداف].. وهي:
1-: محاربة الطغيان السياسي.
2-: محاربة الطغيان الديني.
3-: العمل على عملية.. [الإصلاح]..
4-: نشر وإذاعة.. [التنوير]..
ومن أجل تحقيق هذه..[الأهداف]..، وضعت.. [منهجية].. أو.. [استراتيجية].. أسير بها لتحقيق أهدافي وطموحاتي من أجل الكتابة واعتمدت في هذه.. [المنهجية].. على مجموعة من الأسس والمرتكزات والتي منها: وقوفي أمام:
1-: ديني.
2-: مبادئي الإسلامية المستمدة من العقيدة الإسلامية كتابا وسنة، ثم العادات والتقاليد والمثل. وعملت بجدية صادقة لتأصيل الهوية العربية والإسلامية.
3-: وطني: لا أقبل الخوض فيه أو النيل منه لا من قريب ولا من بعيد وبخاصة الطعن في.. (الوحدة الوطنية)..، أو المساس بها.
4-: ضميري: لا أكتب في أي أمر إلا بعد قناعة ضميري بما أكتب أو تبني قضية ما.
ثم جعلت لي.. [قدوة حسنة]..، أتمسك بها وأقتدي بها أثناء الكتابة أو المناقشة وتلك.. [القدوة].. استمديت منها:
أ -: الشجاعة.
ب-: الجرأة.
جـ-: قول الصراحة.
د -: حب المواجهة والمكاشفة، وإن أدى بي الأمر إلى حالة.. [الصدام].
>>
فلا أنزعج حين يصنفني ويصفني الكثير بأنني مثقف وكاتب وأديب.. [صدامي].. بل يبلغ كثيرهم بقولهم ووصفهم لي بأنني. [صدامي عنيف]..، وهذه الأوصاف لا تغضبني، ولا تستفزني، ما دام أن ما أفعله أو أكتبه أو أقوله في سبيل قول الحق وكشف الحقيقة. وخياراتي محددة ودقيقة أثناء اختيار قضايا الكتابة وغيرها من الأمور العامة التي ترتبط بالشأن العام. ومن.. [النماذج القوية].. التي اعتمدت عليها .. [كقدوة حسنة]..، الكثير منها مواقف مثل:
1-: موقف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم صلح الحديبية، حين خاض المفاوضات مع كفار قريش للدخول لمكة المكرمة لأداء فريضة إسلامية وبتسامحه وحكمته وبصيرته النبوية العظيمة عليه أفضل الصلاة والسلام قبل شروط المفاوضات مع قريش والعودة للمدينة دون أداء الفريضة.
إلا أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه انفعل بشدة، ورفع صوته معترضاً على نتيجة المفاوضات قائلاً: ((ألسنا على الحق فلم نعط الدينة في ديننا)). قالها بانفعال شديد وحرقة الغيور على دينه ودعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ولكن كان موقف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان هادئاً مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى تدخل سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه في حوار وقال له مقولته الشهيرة ((الزم غرزك يا عمر)) هذه الحادثة تعلمت، وتعلمت، وتعلمت منها الكثير من الدروس والعظات، وتعاملت مع كثير من جوانبها في مشروعي الإصلاحي والتنويري. كما تعلمت أن الحوار والاعتراض على قرار الحاكم جائز وغير محرم.
2-: قال الله تعالى في سورة يوسف: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (يوسف:67) هذه الحكمة من نبي الله سيدنا يعقوب عليه أفضل الصلاة والسلام، تعني لي أن الإنسان يجعل لنفسه في أي أمر.. [عدة أبواب].. أو..[مخارج].. للخروج من الأزمات التي تواجهني، فإذا قفل أمامي باب، أبحث عن آخر مفتوح. فإذا اختلفت، أو اختلف معي أحد من رؤساء الصحف والمجلات جهزت لنفسي للسير إلى.. [أبواب أخرى]..، فمثلاً إذا منعت من الكتابة في وطني، أقوم بالكتابة في خارج وطني، وأطبع وأنشر مؤلفاتي في الخارج وكذلك أتجه إلى باب.. [كتابة الرسائل الإصلاحية].. المباشرة إلى ولاة الأمر، وكبار المسئولين من الأمراء، والوزراء، والمسئولين التنفيذيين وغيرهم. وأرسلها لهم بالبريد الممتاز أو المستعجل.
3-: سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أعتبره قدوتي وأسوتي الحسنة في الإصلاح والجهر بالحق والاعتراض على الأمور والسياسات التي أراها غير منذ نعومة أظفاري صالحة وغير مفيدة وبها فساد، فلقد عشقت شخصية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقرأت عنه الكثير من الكتب والمقالات وتتبع أساليب إدارة حكمه وشؤون الدولة، وقصصه وحكاياته وبطولاته في كتب السيرة النبوية والكثير من كتب التاريخ الإسلامي، فكنت أحرص على تقليده والاقتداء به في كل ما أستطيع وبخاصة قوة شخصيته وشجاعته في قول الحق، وجرأته في اتخاذ القرارات الحاسمة التي يقتضيها الحال، وطريقته المثلى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4-: سيدنا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، أحمل قناعة راسخة أن هذا الصحابي الجليل هو أرقى وأفضل أنموذج.. [للمعارضة].. السياسية والدينية والاجتماعية، فأنا من أشد المعجبين بمنهجه في الإصلاح والدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فله رضي الله عنه قصص ومواقف وحكايا في الإصلاح لم يسبقه إليها أحد، وقد بارك له سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جهوده وتحركاته في الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان رضي الله عنه لا يخاف عند أداء واجب النصح ومسئولية الإصلاح لكائن من كان، فله مواقف إصلاحية شديدة ومشرفة مع الخليفة الإسلامي الراشد الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وأيضاً له مواقف رائعة مع والي الشام سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه منها عندما دخل عليه وهو في قصره الفخم والكبير في الشام فقال له: يا معاوية إن كنت بنيت هذا القصر من بيت مال المسلمين فقد سرقت !، وإن كنت بنيته من مالك الخاص فقد أسرفت والله لا يحب المسرفين، وهذه المبادئ والقيم والأخلاق هي التي جعلتني أعشق هذا الصحابي الجليل وأقتدي به أثناء ممارسة عملية الإصلاح إما كتابة وإما قولاً وفعلاً.
5-: تعلمت من الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)}. تعلمت من هذه الآية المجيدة أن المحكوم من حقه أن ينتقد الحاكم وبشدة. فهذه..[النملة].. وهي أصغر مخلوق من الحشرات الزاحفة، انتقدت نبي الله سيدنا سليمان عليه السلام وقالت: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}. فلم يغضب سيدنا سليمان ولم يقتل النمل، بل تبسم. وهي تدل على أن الحاكم لا يغضب من الرعية حين تنتقده.
6-: تعلمت من قصة سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين سأله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم قائلا له يا حذيفة الناس تسأل عن..[الخير].. وأنت تسأل عن.. [الشر]..،. فقال يا رسول الله أسال عن..[الشر].. حتى لا أقع فيه. فعندما أكتب دائما عن الطغيان وشتى أنواع الفساد، فأقصد تفادي وقوعنا في الشر، وليس تصيد أخطاء الآخرين وإبرازها.
7-: كما أحب وأفضل ممارسة الفعل والقول تمشياً مع مقولة الإمام محمد الغزالي صاحب كتاب إحياء علوم الدين وهي: ((خاطبوا الناس على قدر عقولهم)).
8-: أنا من الذين أعشق منهج وأسلوب وطريقة جدي الأكبر الزعيم الهندي الكبير - المهاتما غاندي، فهو أنموذج في تحمل الصبر والاحتمال والانتظار، وعدم ربط الإصلاح بإرضاء بالشهوات والنزعات الشخصية الضيقة، فهذا الزعيم البطل الذي حرر الهند من الاحتلال البريطاني. وعندما جاء يوم الاحتفال بعيد الاستقلال رفض الحضور أو إقامة الحفل على شرفه، لأن هدفه لم يكن شخصيا أو دنيويا أو إشباع شهوات شخصية أو نزعات ضيقة إنما عمل من أجل المصلحة العامة للأمة، وأخيراً يقتل هذا البطل على يد رجل من طائفته الهندوسية،. وهو من الذين ناضل من أجلهم. وهذا حالي مع المجتمع وبني قومي إنهم يلحقون بي الأذى ويسيئون إلى سمعتي وكرامتي ومكانتي فأنا لا أنتظر المكافأة، ولكن أبحث عن الأجر، وليس الأجرة..
يضاف لذلك امتلاكي للروح المعنوية العالية أثناء ممارسة الكتابة وفعل الإصلاح، فبرغم كثرة الأزمات السياسية والأمنية والاجتماعية التي تعرضت لها لم.. [أنهزم في داخلي].. لأنني مؤمن بقضيتي التي تبنيتها وأدافع عنها. وهذه الروح المعنوية استمديتها من إيماني بالله وبالقضاء والقدر، وأعرف أن المسلم لا بد أن يؤمن بالقدر خيره وشره، فآمنت بكل شر أقداري التي كتبها عليّ خالقي وصبرت واحتسبت وانتظر من ربي مغفرته وعفوه لي ورحمته عليّ وأن أكسب الأجر في الآخرة لأقعد بجوار عزيز مقتدر. فلقد سمعت بإذني الكثير من الشتائم ضدي، وكذلك قرأت الكثير من المقالات النقدية ضدي المتجاوزة لكل مستويات الأخلاق ضدي، ولكني صبرت، وصبرت، وصبرت.
أما مواقفي فقد اخترتها بنفسي وتقبلت وتحملت نتائجها وعواقبها لأنني أنا من صنعها وسار إليها. ولدي قناعة قوية وراسخة أنني أعرف أنه عندما أطلق.. [الرصاصة الأولى]..، سوف تكون.. [الرصاصة الثانية].. ضدي من خصومي وأعدائي، فحالي مثل جندي فرق الصاعقة أو الكومندوز، وهذا ما يجعلني مستعدا لتلقي الضربة ومن أي جهة من الجهات. وهذا ما جعلني أقيس وأحسب معظم خطواتي وردة فعلها أو ردود أفعالها. أي أعمل بقدر الإمكان على فهم وتعاطي.. [الحذر]..، ورغم أنني وقعت في بعض (الفخاخ) التي نصبت لي وضدي.
يخطي من يظن أن الفكر وسيلة للمنصب إن الفكر ليس مفتاحا للوظيفة لأن البعض كان يتهمني بأن ما أفعله من كتابات نقدية وغيرها من عمليات كتابية من أجل الإصلاح، كنت أسعى من خلالها للوصول للمنصب وأثبتت الأيام سلامة وصدق نيتي وأهدافي.
كما أن الله جلت قدرته منحني عدة مزايا وصفات مهمة ساعدتني في السير بمشواري في الكتابة والإصلاح وهي.. [عدم اليأس].. والإصرار الجاد في تكملة المشوار الإصلاحي والتنويري رغم التحديات والمشكلات والأزمات والمنغصات التي تعرضت لها.
إن.. [قلبي].. هو جزء من جبال مكة المكرمة المعروفة بصلابتها وتماسكها ومتانة وعمق جذورها، فأنا صلب، صلب، صلب، لدرجة كبيرة. وهذه الصلابة جعلتني أتخلص من.. [عقدة الخوف].. المتربية والمعششة في عقول وقلوب الكثير، وهذا ما جعل إنتاجي الفكري والثقافي والصحافي والسياسي والأدبي يعبر عن.. [العقل الجمعي].. فحملت الهموم والأوجاع والمنغصات عن مجتمعي، كما استطعت أن أرصد وأدون مراحل قصيرة وطويلة وكثير من تفاعلاتها. إن صلابة قلبي الجبلية جعلتني أتحمل كل أنواع العذابات والآلام.
بقي أن أقول إن.. [أعلام].. وطني خذلني، بل تخلى عني في كثير من مراحل عمري الفكري والثقافي والصحافي. وهذا..[ألم].. رافقه..[حزن].. لم أستطع نسيانه حتى الآن.
بقي أن أقول إن الكثير، والكثير من أبناء وطني وبمختلف طبقاتهم وشرائحهم يصفوني دائمًا في أحاديثهم ومجالسهم وكتاباتهم بأنني شخصية.. [صدامية].. أقول للجميع، إنني لا أستحي من هذه.. [التهمة].. ما دمت أسير في طريق محاربة الفساد والمفسدين والدعوة للإصلاح والتنوير، والغريب في أمر الناس، أن كل واحد منهم يريد أن يفصلني حسب مقاساته، وأن أكتب حسب مزاجه ورغباته، وأنا لا أستطيع ذلك وهذا ما جعلني أخسر الكثير والكثير من الناس والأصدقاء، المهم أنني ثابت ومتمسك بديني ومبادئي وضميري.
والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.
Zkutbi@hotmail.com
twitter: Drzkutbi