إن تاريخ الأنا بوصفه هوية داخل النص الروائي هو علاقة ذاتية حميمة عند الكاتبة،علاقة تبعث فيها كثيرا من السحر المحكي الذي يظل سحرا لفظيا لا يحدث ثغرة أو ثورة في الجدار السميك الذي تكتب من خلفه. طقوس سحر الكتابة الروائية..
تحول السلوك الاجتماعي داخل الرواية من الواقعي إلى المتخيل وهو ما يحدث أن السمة الغالبة في مسيرة البحث عن الذات داخل نص..
لازالت شعوراً خاصاً، واغتراباً، وترحلاً لفظياً بحثاً عن هوية مفتقدة وذلك من خلال ممارسة الكتابة الشعورية النفسية لتعويض الفقد المستمر الذي تكابده الذات في علاقتها بالمكان والشرط الاجتماعي.
هناك لغة روائية تتمدد خارجا فقط محققة قدرا من الامتلاء الشعوري وعليه يظل النص من الداخل يعيش مأزقه الناتج عن تعقيداته المتداخلة مراوحا عند الرؤية الذاتية القريبة وليس الرؤية الشاملة للعالم من حوله بحيث ينبئ أن الكاتبة غير قادرة على خلق عالم ينسجم بنيويا مع صيرورة التجربة الإنسانية في أبعاد مختلفة.
تشكلت هوية خاصة داخل النص الروائي تكاد تتشابه في معظم النصوص الروائية من حيث التشكل اللاواعي فإصدار معنون بثرثرة معلمات، وفيض العطاء، أختاه إني أحبك في الله، مأساة نورة وآخرين..
وغيرها نصوص تتميز بخاصية الحكاية الاجتماعية كتبت للتعبير عن حراك البيئة،، والوعظيه ليس إلا..
وفي اتجاه آخر نجد نصوصا تحكي «قصة المكان» وغياب الذات مثل: ما كتبته بهية بو سبيت « درة من الاحساء»،» رباط الولايا» لهند باغفار، و»غداً أنسى» لأمل شطا، و»مسرى يا رقيب»، و»سيدي وحدانه» لرجاء عالم» وحظينا كذلك بنموذج فريد لموهبة الرؤية، وليس الخلق، وهو ما يتبدى بوضوح في روايات رجاء عالم، « مسرى يا رقيب» «سيدي وحدانة» «خاتم»...
إذ هناك استلهام قوي للكائن الخرافي والتراثي في النص، وهو ما يأخذ الذات الكاتبة إلى خارج النص، فهي عبر سرد نصوص العوالم الغامضة والسفلية لا تتوخى خطاباً، أو مشروعاً، أو هدفاً إذ هو محكي مكتوب يقتات شرعية حضوره من معطيات الخرافة، والتراثي، والقبلي.
وعليه تكتفي نصوص رجاء عالم بالعقل الخاص، للنص الخاص، والتي لا تحمل بعداً فكرياً ينتج تراكما في وعي الذات.
هناك أيضا الرواية التي مارست إغواء واضحا من خلال محاولة خرق البناء التقليدي وانه كان يجب أن تكون على اللائحة السوداء للذين لا تجب قراءتهم بالنسبة للروائيات اللاتي انتهجنا بناءها الروائي والمضاميني.
فقد كانت « الهدية المسمومة « التي أوجدت تيارا واهيا اتخذ نموذجا مما يعيدنا إلى نقطة البدء حيث يكون النص دون هوية أو رؤية إبداعية ولذلك يبدو تعبيرها عن هذا الوجود، يتم من خلال السير الذاتية أو إسقاط المحكي على شخصيات تمثل وجود المرأة الكاتبة - المرأة هنا وهو، من باب النزوع إلى إيجاد بدائل شعورية وذهنية تتحرر بها الذات من جميع القيود نحن قبالة أجيال متعاقبة من النصوص النسائية التي حرصت على الظهور بذات البنية التقليدية وهذا لا يلغي أن هناك بعض الأعمال المتفوقة التي تدل على نضج كاتباتها وموهبتهن وقدرتهن على الخلق والإبداع - وإن تكن ليست ذات مستوى عال من اللغة والثراء في المفردات والأسلوب، إلا أنها استطاعت أن تؤسس تياراً جديدا في كتابة الرواية والتعبير عن الذات الأنثوية ضمن قيمة أدبية.
وبذلك تكون الكتابة النسائية قد اختارت لنفسها أسلوبها الخاص وهو أن تكتب ما يؤسس أدبا ينبع من واقعها المعاش.
لهذا حظينا بمنجز أدبي، وليس إبداعيا.
الرياض