كانت الشمس بشعاعها طروباً، وصخب المارة في الشارع أدعى إلى الألفة والوداد منه إلى التبرم. ومع أن ذلك بدا له غير متناسق مع توقيت الفصول ولا روحه المثقلة، إلا أنه استسلم بِدَعَة لحيوية الدفء، ولرضاه المتواطئ.
وصل إلى حيث سعى. في ذلك المسير، نظر إلى سحنة الرجل أمامه، وكان الاحتراف المهني الطويل قد أعطاه انطباعاً ثابتاً من التعاطف الكاذب مع الجميع. ودهش قليلاً لاستنتاجه بأن وجه أحدهم جزء من رصيده العملي.
حياه الرجل بأسى مفتعل. كان يقف حول مستطيل من الأرض، فاغر الفم. ردد الكلمة مرة، مرتين. وأحسّ بلوعة غامضة، ونفور غير مبرر تجاه الرجل الآخر الذي شرع يعمل الآن بجدية. أخذ شعوره بالدفء يقل، وفهم حينئذ سبب نفوره من رجل التراب.
كانت مهنة الرجل هي السبب. وأخذت مساحة الفراغ في ذلك المستطيل الترابي تنقص وتتلاشى. وحين امتلأ ذلك الفراغ اللعين ، وعلا التراب عن سطح الأرض قليلاً، عرف أن الأمر كله قد تم، وأخذه بغتة هلع الفراق، واختلطت ذاكرته بوحدته.
بطيف أثير إلى نفسه، أيقن أنه لن يراه ثانية، فتهالك قليلاً، واضطربت روحه وأنفاسه. وما لبث أن تماسك، ونظر بغير ودّ إلى الرجل ذي السحنة المحايدة، ثم استدار...... ومضى.......
ts1428@hotmail.com
الرياض