* * كسر عبدالعزيز خوجة ملامح الوزير المتجهم، المتبرم، المتورم؛ فانتصر الشاعر فيه على الرسمية، وغلب الذوقُ على الترسم، ولم يستعدِ أو يستعلِ؛ فكان قريباً لمن حاوره ومن ناوأه ومن اتهمه وزايد على دينه ووطنيته؛ فلم يزد على ابتسامةٍ ودعاء.
* * كان شجاعاً وهو لا يوزعُ مغارم الانتقاد بالمساواة بين موظفيه، أو يقتسمها مع أجهزةٍ أخرى رغم أن الجميعَ يدرك أن الرجل أشعل الضوء الأخضرَ منذ أول يومٍ استلم فيه كرسيه «النَّصَب»، ومن مثله يجمع الماء والنار والغضب والطرب والحب والكره وتناقضَ الجمهور المحتشد وانقضاض الجمع المترصد؟
* * جوبه بما يتجاوز قيمَ الاحترام فلم يبتئس، وعاد مرة ومرتين ومراتٍ للمعرض غيرَ عابئٍ بما سيقابله من أنماط التضاد حتى كان الرقمُ الأضألُ في المعادلة الثقافية، وهوامشُ الهوامش في الدائرة الاجتماعية يمطرونه بصخبهم ولجاجهم حول كتاب وكاتب، ومحاضرة وسلوك، وأغلظ بعضهم في المقال؛ فما زادت ابتسامته إلا انفراجاً.
* * أيُّ رجلٍ أنت يا أبا محمد؟ حتى من اتكأتَ عليهم رأوك -تعاطفًا وعقلا- متسامحاً كما لا ينفع التسامح «فوضع الندى في موضع السيف مضرٌ» كما قال شيخك المتنبي، لكنك الحكيم الكريم المؤدب المهذب المؤمن أن الحكمَ للتاريخ الإعلامي حين يقف أمامك منبهراً بصلابة الأرض المورقة أمام العواصف؛ فإذا انجلت بدت الأرضُ الخضراء وغابت غماماتُ الغبراء.
* * كان لصاحبك الذي التقى بك مرةً يتيمة في جلسةٍ غير رسمية يتمنى أن لستَ في مقعد الوزير كي يقول أكثر؛ فلا تبدو شبهة مجاملةٍ وإن انتفت تهمة الانتفاع؛ فقد عرضتَ عليه -في تلك الجلسة- عملاً استشارياً فاعتذر، ولم يرك بعدها حتى اليوم، لكنه صوتُ الحق لا يجوز كتمانه وأنت لم تضق برأي؛ ولم تتعامل بشدة؛ بل لقد طالتك سهام «الثقافية»؛ فلم تزد على طلب رقم الكاتب والكاتبة لتتفاهم معه بأناتك وحِلمك، وكنا يوماً نتأنى في انتقاد الوزارة تلافياً لعتاب وربما حساب، وحين جئتَ صار الانتقاد بضاعتنا الجميلة التي نطمئن إلى الاحتفاء بها قراءة واستقراء.
* * من أثَّر على منْ: هل الشاعر؟ أم الوزير؟ أم السفير؟ أم الأكاديمي؟ إنها خلطةٌ كيميائيةٌ كتخصصك جعلتك في الميدان لغةً لها مذاقُ كل اللغات.
* * شكراً للقلب الساكن جوانحَك؛ فلم ينسك الناسُ حين كنت تقفُ على حافلاتهم في لبنان غير بعيد من «الضاحية» مطمئناً إياهم ومطمئِنًّا على رضاهم؛ فنعموا بالسلامة وتنعمتَ بالدعاء.
الفعل تفاعل.