تعد الآثار أحد مصادر الرؤية للفنان التشكيلي المعاصر، وربما كانت تلك المصادر واضحة في فنون بعض الثقافات كالفن المصري الذي أبدع فنانوه في استحضار فنون مصر القديمة بأسلوب معاصر، كما استخدم الفنان السعودي التراث المادي والمعنوي كموضوع في عمله سواء أكانت لوحة أو عملا ثلاثي الأبعاد، أيضا استحضر عدد من عشاق التصوير الضوئي الواجهات المعمارية للمواقع الأثرية مثل مدائن صالح في أعمالهم. ولكن ربما كانت أعمال الفنان التشكيلي السعودي إبراهيم الفصام مختلفة عن البقية في نوع العنصر الذي أعاد تقديمه بأسلوب معاصر.
اتجه الفصام إلى نوع من الفنون المنتشر في المملكة العربية السعودية، ولكنه غائب عن الأنظار، فبينما تغطي الدراسات والأبحاث والإعلام تلك الآثار في الدول الأخرى، لم نعِ هنا أهمية تلك الفنون إلا ما ندر، ولا تزال الدراسات المتخصصة قاصرة عن ترجمة تلك الرسوم الفنية.
وهنا لم يتدخل الفصام في مفاهيمها ومعانيها وتأريخها بقدر ما استشعر قيمتها الجمالية، وأعاد صياغتها لنا بألوان وخطوط إيقاعية تجعلنا نعيد النظر في مسألة نشأة الفنون ودورانها في حلقة تبدأ مع التجريدية وتنتهي إليها مرورا بالواقعية والتعبيرية، فهاهو الفصام ينقل لنا الصور والأشكال المجردة التي تعامل معها الفنان القديم بطريقة تكاد تتطابق مع يقوم به الفنان المعاصر الذي مل النقل والواقعية وأراد التجديد، التجديد من خلال العودة إلى جذور الفن إلى التجريد الذي يبدأ به الطفل أسلوبه الفني بعد الدوائر والخطوط الطولية والعرضية. فكل منا في داخله طفل؟ أو إنسان قديم؟.
اتجاه الفصام هذا نحو الرسوم الصخرية أو الآثار لم يكن جديدا فهو يستخدم هذا المصدر منذ سنوات عديدة وقد شارك بلوحة من لوحاته تحت اسم ( تاريخ جزيرة العرب) في بينالي تايبيه في الصين عام 2001، وصنفت خلالها من أفضل اللوحات التي تمت المشاركة بها في هذا التجمع الذي يحتوي على مشاركات من جميع أنحاء العالم.
أما المنجز الأهم فهو المعرض الأخير والذي أقامه بمركز الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية بمعهد العاصمة النموذجي بالرياض الشهر الماضي، برعاية وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية واحتوى المعرض على 180 عملاً فنياً تتضمن لوحات زيتية ورسومات ذات مواضيع مستوحاة من البيئة والتراث والآثار السعودية القديمة ومنفذة بخامات مختلفة.
msenan@yahoo.com
الرياض