بين فترة وأخرى تُثار زوبعة حول الفنانات التشكيليات ومستواهن الفني واتهامات ليس لها أساس من الصحة أحياناً، والأشكال في هذه المسألة عادة ما تكون في التعميم وهو أسلوب للخروج من إطار الاتهام المباشر، والحقيقة أن الفنانة التشكيلية في المملكة على خلاف مثيلاتها في كثير من البلدان سواء الخليجية أو العربية والسبب في الوضع الاجتماعي بشكل خاص إذا علمنا أن كثيرات يعانين من إمكانية التحرك مثل الرجل وحتى العرض أحياناً، وبالتالي فلا عجب أن نرى الفنانات اللاتي أتيحت لهن الفرص للتعلم وتلقي معارفهن الفنية في الخارج اكتسبن معارف ومهارات مختلفة وأكبر عن من في الداخل، كما أن مجال التحرك والمتاح أيسر أيضاً، فعندما نتخذ أسماء مثل صفية بن زقر أو منيرة موصلي أو نبيلة البسام وربما غيرهن، وهن أسماء لهن صفة أسبقية في الساحة فسنجد الأولى درست في مصر وبريطانيا والثانية في مصر والولايات المتحدة الأمريكية ونبيلة في لبنان والولايات المتحدة الأمريكية، وهناك بلا شك أخريات أتيحت لهن الفرص والظروف للدراسة في الخارج لكن هذا أيضاً لا يعني فرقاً أو بوناً كبيراً بينهن وبين أخريات فشادية عالم وهند المنصور ومنال الضويان وغيرهن تحركن بشكل جيد إلى الخارج وأقمن علاقات فنية جيدة مع أوساط ذات اختصاص.
الراحل عبدالحليم رضوي - قبل عقود - دخل في إشكاليات فنية مع إحدى التشكيليات وصلت إلى التدخل في إحدى لوحاتها وثارت ضجة إعلامية حيال ذلك مع إيمانه -رحمه الله- بأنه على اطلاع ببعض الأمور المتعلقة بذلك، كان -رحمه الله- يريد من خلالها التوجيه أو تعديل ما يراه من وجهة نظره خطأ في اكثر من جانب، دخل آخرون على إشكاليات أخرى كانت اقل أو اكثر فذهب البعض إلى أن رسامين كانوا يقومون بالرسم عوضا عن الرسامات وما إلى ذلك كثير، والواقع أن هذا لا ينطبق فقط على السيدات فهناك من الرجال الرسامين من وقعوا في هذا الإشكال والواقع أننا لا نستطيع الاتهام بالدلائل المادية التي نقول إنه لدينا من خلالها ما نثبت به المشكلة، لكننا أيضاً نستطيع التعرف على طريقة رسم كل منا وطريقة المعالجة والتعامل اللوني وإمكانية الرسم أيضاً، ومع ذلك فأنا شخصيا عرفت رسامين قالوا بذلك وان هذا الرسام او ذاك لم يكلف نفسه غير التوقيع، إلا أن الظاهرة مع الأيام انحسرت بل ضاقت إلى حد أنها أصبحت في التاريخ ولم يعد لها وجود، وبالمثل كان ذلك مع رسامات شاهدت إنتاجا قدمنه لرسامين من أسواق نعرفهم ونعرف كيف يرسمون، بل إن بعضهن مُنح جوائز متقدمة في معارض محلية ورُفعت أعمالهن إلى مشاركات خارجية، ولان حبل الكذب قصير لم يطل بهن العمر في الساحة التشكيلية فقد كانت مثل نزوة وانتهت.
الإشكالات التي تطرح باستمرار ولم تزل تتجه إلى المستويات وهي في الحقيقة مختلفة، وهناك في كثير من المعارض مستويات متواضعة اكثر من ان تكون مستويات جيدة أو ملفتة، ولان معظم الأخوات غالباً لا يرضين إلا بالإطراء أو الثناء فإنه تتجدد هذه الإشكاليات واللغو والحديث وتتطور أو تصعّد الحوارات إلى ردود ونقاشات إعلامية ليس لها داع.
اعتقد أن علينا القول بما لا يخدش كبرياء أو شخصية الرسام أو الرسامة وكذلك ان تكون آراؤنا اكثر سلاسة واقل مباشرة في إبداء الرأي أو وجهة النظر، ولاشك أن الأخت الفنانة التشكيلية تواجهها من الظروف ما يكفي وهي تفرح اكثر من الرجل بنجاح وان كان بسيطاً فالظروف التي تواجهها اكبر أو قوى والمتاح لها أيضاً اقل وبالتالي فان ما تقدمه جيد نسبة إلى ذلك، ونحن علينا أن ندعمها أو نشجعها على التطور وتنمية الإمكانات اكثر من أن نحبطها لكن دون مبالغة أو تجاوز للحد المقبول من التشجيع، والمشاركات الخارجية المتاحة للأخوات التشكيليات لا يتحملنها أنفسهن بل من يقدمهن ومع ذلك فالاحتفاء بوجودهن يكفي للتدليل على أن هناك قادم لاشك أن الزمن كفيل بتطويره والأخذ به إلى المصاف المتقدمة، لكننا أيضاً لا ننفي وجود مستويات متقدمة تواكب مستويات الرجال وبالتالي فليس هناك من هو افضل.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام