Culture Magazine Thursday  11/02/2010 G Issue 298
حوار
الخميس 27 ,صفر 1431   العدد  298
 
النعمي للمجلة الثقافية:
المشهد الثقافي مرتبك جداً. فالأندية تنتظر استحقاق الانتخابات

حوار- عبدالحفيظ الشمري

الأديب الأكاديمي الدكتور حسن النعمي عني كثيراً بثالوث سردي محبب، فمن القصة القصيرة في «حدث كثيب قال»، وإلى النقد وممارسة كشف وتأصيل المرحلة الإبداعية، ومن ثم تفرغه للعمل الأكاديمي حينما عني بتجذير مشروع النقد بشكل أكبر، يسمح للمتلقي كشف العديد من الجوانب الإنسانية المهمة في النص الأدبي. فالناقد النعمي عني بالقصة القصيرة، واهتم بالرواية بوصفها نص المستقبل كما يشير في معرض إجاباته التي تساوقت حول المنجز الإبداعي لدينا. فقد حاورته «المجلة الثقافية» حول أمر السرد وهموم الأدب والإبداع فكانت إجاباته لا تخلو من بعد إلماحي يؤصل لفرضية أن المنجز الأدبي بحاجة إلى مزيد من الصقل والدراية، فكان لنا معه هذا الحوار:

لك رحلة طويلة مع الإبداع السردي..، حيث عُنيت فيها بالكتابة والنقد والعمل الأكاديمي.. أين تجد ذاتك الآن بين هذه التيارات؟

- لكل منحى من هذه المناحي طبيعته وجاذبيته، فالكتابة السردية أجد فيها لذة اكتشاف العالم من بوابة المتخيل. أما النقد فهو حوار دائم مع النص والعالم في جدلية عميقة استشعرها عند الشروع في مقاربة قصة أو رواية أو معالجة لإحدى قضايا السرد المتعددة. ويأتي العمل الأكاديمي ليضفي مشروعية أكبر على توجهاتي النقدية من ناحية، ويؤصل المنهجية التي أتوجه من خلالها إلى مقاربة الكثير من قضايا السرد. كل هذه الحقول لها جاذبيتها. غير أنني لا أكتمك سراً أنني قد انحزت للنقد للمتعة التي أجدها في ممارسة التأويل في كشف العلاقة الجدلية بين النص والواقع.

بعد هذه المرحلة التي ناهزت الثلاثة عقود، ماذا أعطاك الإبداع؟ وماذا أخذ منك؟

- الإبداع يعطي ولا يأخذ. لقد تشبعت بالإبداع. فكم من لحظة عايشت فيها الكتابة وفرحت بدهشة الفراغ من كتابة نص قصصي. أعتقد أن لحظة الإنجاز، إنجاز الكتابة، لا تعدلها لحظة، على الأقل بالنسبة لي.

يظهر للكثير من المتابعين لتجربة الدكتور النعمي أنه مال إلى الجانب الأكاديمي على حساب العطاء الأدبي الرحب.. ما رأيك؟

- إذا كان المقصود الانحياز للنقد من منظور أكاديمي فهذا أمر لا أنفيه، بل أجده مهماً للجانب الأدبي. فأنا أسهم مع غيري في دعم مسيرة الأدب السردي في المملكة، وخصوصاً الرواية التي أرى أنها نص المستقبل، وأهم حدث أدبي في المملكة في السنوات العشر الأخيرة.

د.حسن ما تقييمك لمسيرة الرواية ولاسيما في ظل هذه التجاذبات الكبيرة حول فحواها وأسبابها؟

- كما ذكرت آنفاً الرواية هي نص المستقبل. لقد قدمت في كتاب رجع البصر، وكتاب الرواية السعودية، جزءاً من المبشرات بأهمية النص الروائي في المملكة. ومع كل الملاحظات التي ذكرتها وذكرها غيري، فإن الرواية اليوم هي النص الأهم بين مختلف الفنون الكتابية في المملكة. وتأتي أهميتها من قدرتها على توليد قراء لم يكن من الممكن أن يكونوا قراء أدب فصيح في يوم ما. وقد يقال: إن ذلك بسبب الإثارة والإغراء في هذه الروايات، وأنا أقول إنها تقول ما نقوله في مجالسنا الخاصة، ولكن بطرق منهجية تخضع لشرط الفن السردي. كما أن هناك من يطعن في جدارة معظم ما يكتب، مرة أخرى أقول: دع الكل يكتب، فالتراكم ضروري، ومسيرة الأدب ستفرز نصوصها، ليبقى ما ينفع الفن، ويذهب ما سوى ذلك.

القصة القصيرة جداً، هل تراها فناً سردياً مؤهلاً للتجلي وانتزاع الاهتمام من القصة القصيرة التقليدية؟

- القصة القصيرة جداً تجربة صعبة، وتحتاج إلى قدرة هائلة على الاستخدام الأمثل للغة، في بنية سردية مضغوطة. وهي عبارة عن لمحة برق تضيء البصيرة بفكرة خلاقة. أما مشكلتها فتكمن في صعوبة التلقي، ذلك أن مساحة القول فيها محدودة. وهو ما يجعلها في خانة قصيدة النثر التي تعاني من الرفض. ومهما يكن فيجب أن نرحب بأي نسق كتابي يمكن يكون وسيلة للتعبير بطرق مختلفة. وبالرغم مما تقدم فإنه لا خطر على القصة القصيرة التقليدية، لأن كل الفنون قادرة على التجاور، المشكلة تمكن في الذهنية التي تؤمن بصراع الأشكال الأدبية. فعلى سبيل المثال، بقي الشعر العمودي حاضراً بالرغم من كل الغزوات التي شنّها منظور الأشكال الشعرية الأخرى. بمعنى أن كل ألوان التعبير الأدبي ستبقى طالما أن هناك حاجة إليها، نعم قد تتطور، لكنها لا تختفي بقرار أدبي أو نقدي أياً كانت طبيعته.

د.حسن.. المشهد الثقافي المحلي، كيف تراه الآن؟

- المشهد الثقافي مرتبك جداً. فالأندية الأدبية تنتظر استحقاق الانتخابات الذي ما زال معطلاً، ومشروع السينما الوليد توقف، والمسرح محلك سر، ليس على مستوى العطاء الإبداعي، ولكن على مستوى الاهتمام الرسمي، والدراما التلفزيونية المحلية ضعيفة ومبتذلة، والفن التشكيلي فن بلا جمهور، ومعارض الكتب اختزلت في معرض واحد، ألم أقل لك أن المشهد الثقافي مرتبك.

ما هو إنتاجك السردي المتوقع؟ وهل سنطالع ميلك الجديد نحو النقد؟

- ليس هناك ما أقدمه للساحة في الوقت الراهن. أما ميلي للنقد فهو مشروع أمضي فيه وأرجو أن أوفق في خدمة المنجز السردي المحلي. فما ينقص الرواية والقصة هو تأصيل التجربة والبحث في ثنايا التجارب المختلفة عن شواهد الإبداع الحقيقي. وربما أن هناك الكثير ممن يكتبون عن الرواية، لكن دون تخصص، ودون تأصيل، بل كتاباتهم صحفية وظرفية وأحياناً مجاملة.

«حدث كثيب قال» تجربة قصصية مميزة.. لماذا توقف هذا المشروع السردي؟

- قرار الكتابة السردية، في البدء، ليس إرادياً، كما أن التوقف غير إرادي كذلك. هي نزعة نحو الإبداعي يتهيأ لها الكاتب وينتظر اللحظة الحاسمة للكتابة.

هل ربح العمل السردي رهانه مع الفنون الجمالية الأخرى؟

- هذا زمن الرواية الآن بلا منازع، فلا شيء يعلو على صوت الرواية الآن. لقد أفادت الرواية من الفنون الأخرى، فأخذت من المسرح حواريته الدائمة، وأخذت من السينما جماليات التقطيع المشهدي وتقنية الفلاش باك، وأخذت من الشعر لغته المجازية، وأخذت من الأسطورة غرائبيتها. فأصبحت النص الجامع والحاضن لك خصوصيات الفنون الأخرى.

في الختام، أين يضع الناقد حسن النعمي الرواية السعودية الآن؟

- بالنسبة للفنون الأخرى، الرواية أولاً.

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة