د. إبراهيم بن جلال فضلون
عالمياً حصدت السعودية مركزاً عالمياً في مؤشر الإستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي، بل وكان لها الصدارة، قبل الدولة الألمانية والصينية الثالثة في هذا المؤشر، في أحد مؤشرات التصنيف العالمي للذكاء الاصطناعي الصادر عن تورتويس انتليجينس «Tortoise Intelligence» والذي يقيس أكثر من 60 دولة في العالم، حيثُ يعكس التزام في إطار جملة من الخطوات والتشريعات بريادة التطور التكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي.
لقد صدر منذ وقت مبكر أمر ملكي عام 1440هـ بإنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، التي تقود التوجه الوطني للبيانات والذكاء الاصطناعي لتحقيق تطلعات رؤية المملكة 2030، في مجال التقنيات الحديثة، بطموحات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة سدايا، وإطلاق مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في سبتمبر عام 2022، بل وكانت المملكة من أوائل الدول في تبني توصيات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي اعتمدتها منظمة «اليونيسكو» نوفمبر 2021 بمشاركة 193 دولة، وجرى تطويرها، لتستمر الرؤية الحالمة بإنشاء مركز باسم «المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي» ومقره العاصمة الاستثمارية الرياض، على أن يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري من أجل توحيد الجهود وإطلاق المبادرات الوطنية في البيانات والذكاء الاصطناعي وتحقيق الاستفادة المثلى منهما، بل وهي فرصة لتعزيز استخدامات الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية في البحث والابتكار والتطوير في هذا المجال بشكل مستدام ومسؤول، ويساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتطوير الخدمات الرقمية وأعمال الخيارات التقنية متقدمة بما يساعد في تطور البشرية في كافة المجالات.
بالفعل هو حدث وطني تاريخي يجعلنا في الذاكرة البشرية لأنهُ سيدعم «المركز» خدمة الأهداف التنموية، والتأسيس لممارسات وطنية في كافة القطاعات، للحد من الممارسات الخاطئة المصاحبة لهذه التقنية وبما يُعزز دور المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، عبر الأبحاث العالمية ومواكبتها، وصولاً إلى ريادة التطور التكنولوجي ايجابياً بما يخدم البشرية، ويُحسن من استخداماتها بشكل مسؤول وأخلاقي بعيداً عن المخاوف من أضراره على الإنسانية، وذلك عبر جسر من تطبيق مبادئ (النزاهة والإنصاف، الأمن والخصوصية، الإنسانية، المنافع الاجتماعية والبيئية، والموثوقية والسلامة، والشفافية والقابلية للتفسير، بالإضافة إلى المساءلة والمسؤولية)..
سيعمل المركز على أن يكون مرجعاً علمياً لتوفير أحدث الأبحاث والمعلومات والبيانات للمهتمين بالذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون الدولي في هذا الصدد، للانتقال المثالي إلى الأجيال بالابتكار في العديد من المشاريع، وتمكين المسؤوليات التي يتوجب الالتزام بها، ومواصلة تطوير وتفعيل تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتجاوز التوقعات.
إنها المملكة التي لها قفزات كُبري خلال رحلتها في التحول لتأسيس خدمات رقمية ذات كفاءة عالية، والوصول إلى مستوى حكومة رقمية متكاملة، حققت بها المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني، وفق تقرير التنافسية العالمية لعام 2023، التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا IMD، لتستكمل الدولة الرشيدة مسيرتها باتجاه أفق رقمي واعد، يُساهمُ في تشكيل ملامح التقدم السعودي، وتسجيل نتائج مبكرة في مشوارها الرقمي، وتسلط الضوء على تجربة البلاد الملهمة لحيازة عوامل النضج الرقمي وتطوير القدرات الوطنية المتكاملة المستويات في القطاعات كافة.