د. إبراهيم بن جلال فضلون
وكأننا في «ألعاب الجوع»، عندما تحاول أن تقرر الأمر الذي سيتسبب بأقل قدر من الضرر وسيساعد معظم الناس فمع تجاوز التضخم العالمي معدلات 20 % في 29 دولة بينها 10 فوق 50 %، كانت دول الخليج العربي الأقل في التضخم بين الدول، فماذا عن الولايات المتحدة إذا نفدت أموالها، كما أفلست من قبل؟ أو ما الذي قد يحدث في الخزانة عندما يحاولون تحديد الفواتير التي يجب دفعها إذا لم يتم رفع حد الدين؟
الجميع يعرف «أرمجدون»، وسيناريو نهاية العالم، وقصة (علاقتنا المصيرية) و(مستقبلنا المجيد) و(مصيرنا المشترك مع إسرائيل).. كما عبر عنه الرئيس ريغان عام 1991، وكذا فيما نسمعهُ من كلمات كارثية يستخدمها رجال الاقتصاد والمشرعون عندما يتخيلون البشرية مع الإفلاس الأمريكي، فتاريخيًا، يُعدُّ سوق سندات الحكومة الأمريكية حجر الزاوية للنظام المالي العالمي، غير أنه في حالة إفلاس أمريكا فلذلك تبعات لسقوط الاقتصاد العالمي بسبب تعلقه بالدولار، ولنا أن نتخيل ما حدث في العصور الوسطى للذهب الذي أصابه العفن والفساد، ليحل الفوضى العالمية في الجوانب المالية والاقتصادية والحقوقية، على الرغم من بساطة الاقتصاد والمعاملات الدولية في العصور القديمة. وبالتالي فإن وضع الدولار من الناحية النظرية اليوم حال إفلاس المنبع الأمريكي مُشابه لما حلَّ بالذهب في العصور القديمة، التي كان الناس حينها يدركون أن فساد الذهب هو فساد مؤقت، لتكون النظرية صحيحة لكن دون شموليتها، إذا عُممت فستغفل معطيات وعوامل (مجاهيل) مؤثرة، فإذا قامت الخزانة الأمريكية بعدم سداد ديونها وتخطى التاريخ المحدد قد يُسببُ إغلاق عُشر الاقتصاد الأمريكي، يتبعها حتماً ركود اقتصادي، وكارثة في أسواق السندات بجميع أنحاء العالم، وفي حال الإفلاس للأخضر فمنزلتهُ كعملة احتياط لن يتأثر لإدراك السوق العالمية، كون أن الإفلاس هنا اختياري سياسي داخلي، وليس إجبارياً اقتصادياً. فقد ارتفع الطلب العالمي على السندات الأمريكية عندما انخفض تصنيفها فارتفعت أسعار السندات، وانخفضت عوائدها إلى مستوى قياسي؛ وبالتالي انخفض سعر الفوائد للسندات الجديدة، وهو ما أبطل صدق النظرية عام 2011 لعدم وجود بديل عن الدولار كعملة احتياط دولية. كما كانت هي حالة اليابان الاستثنائية عند تخفيض تصنيفها، وإن كان هناك فرق كبير بين الحالتين، فأصبح تخفيض التصنيف الائتماني لأمريكا إشارة للسوق الدولية بتردي الاقتصاد بصورة غير واضحة المعالم؛ مما دفع العالم للهروب لأكثر الملاذات أمناً، وهو السندات الأمريكية الحكومية.
الخلاصة: إن الإفلاس الأمريكي ليس بسبب اقتصادي، بل للنزاع الداخلي السياسي على السلطة وإدارة البلاد، ليكون ناتجنا أن مخاطرة السندات الأمريكية حال إفلاسها لا شيء مقابل ما حدث في 2011م، ولا بديل اليوم، رغم التكتلات العلمية بتوحيد العملات التي تضرب مسمارًا جديدًا في نعش الدولار.. عملة موحدة.. ولا عن السندات كملاذ آمن ولا عن الدولار كعملة احتياط دولية، ولا سيما أن الدين العام للولايات المتحدة بلغ ذروته عند 31.4 تريليون دولار في يناير الماضي، ما دفع وزارة الخزانة إلى اتخاذ «إجراءات طارئة.