علي الخزيم
- حادثة القِرش الذي فتك بأحد السياح الأجانب بناحية من البحر الأحمر وإن كانت مأساوية ببدايتها؛ الَّا أنها ولَّدت حركة جديدة من الفُكاهة والطُّرَف العربية، كان مَنشَؤها تغريدة لمغردة عربية ربّما أرادت بها إثارة نوع من الدعابة مع تسليط الضوء عليها، وأرى أن هذا جائز بالوسط الإعلامي والاجتماعي إن لم يخالف الفاعل الأعراف والقيم.
- البعض قد فهم التغريدة بأنها تحوي إشارة غير مقبولة تجاه بلد عربي آخر، وهو متوقع فالتغريدة مُبهمة لم تصطبغ جيداً بأسلوب الفكاهة الصريحة، وسبب إضافي كون المُتلقي لم يَعهَد من المغرد ذاته خفة الدم بصفة عامة، فبحسب ذاك الفهم تصدَّت جماعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تنتصر لبلدها وأهله كحق مشروع، ودون انتقاص لأي مجتمع آخر.
- شريحة اتجهت للتفاعل مع التغريدة وحادث الِقرش بمنحىً فكاهي تطور إلى تبادل النُّكات والضحكات والطرائف بين شباب المجتمعين المعنيين بالبداية، ثم اتسعت رقعته لتشمل مشاركة مغردين من أنحاء العالم العربي، للتباري والتنافس بطرح الترفيه الفكاهي، وكلٌ يُقدم الجديد الأقوى، فكانت منافسة لطيفة ارتقى بها شباب العرب من الجنسين ليتجاوزوا التقاذف بالكلمات الجافة والنعرات المذمومة.
- مثل هذه الواقعة بجانبها الفكاهي الشعبي العربي - مع عدم تناسي قسوة الحادث - تُبرهن على أن الشباب العربي يملك مقومات اللباقة وأدب الحوار إن أراد ذلك، كما يملك جوانب راقية من الظّرَف وفكاهة القول والترفيه البريء عبر ما يسمى هنا (الطقطقة).
- و(الطقطقة) مفردة شبابية حديثة زادت شعبيتها وانتشارها بالعالم العربي لا سيما بعد منافسات كأس العالم لكرة القدم في قَطَر حين قَدَّم الجمهور السعودي آنذاك فصولاً من المرح والفكاهة بين الجماهير العالمية مما جعلهم محل استقطاب أصحاب المقاهي والمطاعم ونحوها لجذب شرائح أخرى من السياح والجمهور الرياضي لكسبهم كزبائن لمحلاتهم.
- مررت بتغريدات وتدوينات تشيد بأسلوب الطرح النقي الطريف، وتدعو لتطوير مثل هذا النهج الشبابي الشعبي العربي، وعدم الالتفات لأقوال وممارسات من شذَّ عن هذه القاعدة لينفث سموماً هدفها التفرقة بين الشباب العربي وإثارة غبار أحداث عفا عليها الزمن.
- غوغائيون مُغرضون استحضروا مقاطعاً سامجة غير مؤثرة تم تداولها منذ سنين مضت تتعلق بأحداث ومناسبات عابرة؛ لإثارة الشحناء والبغضاء بين شعبين متجاورين غير أن فطنة شباب العرب لم تكن غائبة؛ وحذقهم بالردود وتسفيه محاولات المغرضين كان مؤثراً ومُلجِماً لتلك الفئة القليلة واجبر كثيراً منهم على حذف تغريداتهم.
- إذا أراد شباب العرب أن يثبتوا أقدامهم على الساحة الثقافية والأدبية والمعرفية وما يُناط بها من تفرعات فعليهم أن يقتلعوا من بين جنباتهم أولئك المندسين الانتهازيين، وهم من لا يزالون ينعقون ضد شعوبهم وأوطانهم يتكسبون حراماً من أيدٍ آثمة خائنة لا تريد لهم ولا لغيرهم الخير والصلاح، فما أبدعه شبابنا يدل - ولله الحمد - أنهم يدركون خطر المنحرفين.
- القِرش القاتل كان مرعباً بفعلته؛ لكنه حَرَّك مُجدداً أجواء وآفاق الوعي الشبابي العربي بما يستحقون عليه التقدير؛ فإلى الأمام يا شباب!