علي الخزيم
حين قال الشاعر العربي بيته الشهير:
(أخو البِشْر مَحبوبٌ على حُسْنِ بِشْرِه
وَلَنْ يعدِمَ البغضاءَ مَنْ كان عابِساً)
فقد أكد بلا ريب بأن الابتسامة سرٌّ من أسرار الجاذبية وأقصر الطرق للتجاذب بين القلوب وفتح مغاليقها.
- للابتسامة سحرها الجاذب ليستميل القلوب ويأخذ بالألباب؛ فهي من أشهر وأقوى لغات جسد الإنسان، ويفهمها البشر كافة بأنحاء المعمورة دون ترجمة ولا تكلفة.
- المبتسمون يبدون كأحسن الناس مزاجاً وأهنأهم عيشاً وأطيبهم نفساً وألطفهم طبعاً وأرقاهم تعاملاً وأكثرهم تواضعاً.
- ديننا الإسلامي الحنيف حثَّ على الابتسامة لتقوية أواصر الألفة والمحبة، وتوثيق عُرَى الروابط بين أفراد الأسر والمجتمع المسلم، وكدلالة ومؤشر على السلام وحسن النوايا.
- المسلم يستمد أخلاقه وحسن تعامله مع الآخرين من سيرة رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام؛ فكمال تكوين شخصيته وخُلُقه العظيم سيدوم نبراساً لنا نستلهم منه أرقى علامات الأخلاق ونُبْل النوايا، فكان من أسس تلك العظمة فعله لكل ما يؤلف القلوب ومنها ابتسامته الساحرة التي لم تكن تفارق مُحيَّاه الطاهر، كما تُستَلهم العِبر من قصة ابتسامة النبي سليمان عليه السلام الوارد ذكرها بسورة النمل.
- بمقتضى الحديث الشريف: (أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ سُرور تُدخله على مسلم)؛ ووفق هذا التوجيه العظيم فلعل الابتسامة إحدى أنبل وأشرف وسائل جلب السرور التي نحملها ونهديها للآخرين دون تكلف وبصدر رحب ونفس طيبة لنشر مزيد من جرعات الود والنقاء بالوسط الاجتماعي.
- قالوا بوجه علمي: إن الابتسامة الحقيقية تُمكِّن معرفتها من رسمة عضلات العين أثناء الابتسام مدة خمس ثوانٍ، وهي بهذه الصفة لا يمكن الخلط بينها وبين الابتسامة (الثَّعلبية) الزائفة المُخاتِلة.
- يتحدث أرباب اللغة والفصاحة والبلاغة عن صناعتهم؛ غير أنهم لم ينكروا يوماً بأن الابتسامة كذلك هي لغة بليغة فائقة الفصاحة والدلالة لكنها صامتة وإن احتوت حروف وكلمات القواميس كافة.
- قد نختلف بطرق الابتسام بحسب تركيبتنا الشخصية والنفسية، لكنِّي قرأت أقوالاً لمختصين يقولون: إن الطريقة المثلى للابتسامة وأنت تنظر للشخص الذي تُحدثه لمنحه شعوراً سريعاً بالرضا والاطمئنان والمحبة.
- لا تَستَهِن بما للابتسامة من أثر إيجابي على صحتك وإن لم تدركه مباشرة، فأثرها على صحة البدن يُستمد من إيجابياتها النفسية إذ إنها تطرد الملل والكآبة والتوتر العصبي، وتحارب الضغط وسكر الدم، وتجلب الطمأنينة والسكينة للنفس، وتضفي النضارة والبهاء على وجه صاحبها.
- حين تبتسم للآخر فكأنك تعبر له عن لطفك وودك ولين جانبك، وأنك تدعوه لاقتحام أسباب السعادة وطرد الغم والكآبة، وكما قال الشاعر أبو ماضي:
(قال الليالي جرّعتني العلقما
قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعلّ غيرك إن رآكَ مُرَنِّماً
ترك الكآبة جانباً وترنَّما)
- حتى من وُلِد مُتجهماً رغم طيبته وحُسن خُلُقه، ألا يمكن أن يُدرب ويروض ذاته على ممارسة خُلُق عظيم من خُلُق الأنبياء والصالحين, لِمَ لا نجعل الابتسامة النقيَّة الصادقة عادة، ولنملأ أوقاتنا وحياتنا بالطاقة الإيجابية وجودة الحياة.