عبدالمحسن بن علي المطلق
غاب عنّا بالأمس، مصدرا ب/أن (التواري) من المشهد له أسباب، لكن لعل أحد تلكم هو مرض مُقعد، أو هرمُ يجعلان قابلية صاحبهما عن الخلطة تتقلّص، ثم ما هي إلا فترة (غياب) معنويّ يخلفه غياب مادي يجعلك تتألم وحيرة تترد في صداك
كيف حُرمت من تواصله يوم كان.
لكن لأن ذاك اليوم ليس بملكك ما مُنيت به.. تلك لك وجه العزاء، مخافة ندم إن تلفاه لا تنقشع عنك من قريب سحائبه، أو ملامةً لا تتوقف وأنت تحبّرها على صفحات قابل دنياك، فلا تنبري عن حتوفها أي أوجاعها نفسك، لأنها تمسي كأمنيات مرّت على حياتك مرور الكرام لأنها لم تعط سانحة استقرأ مقدما ب.. هل بالإمكان تحقيقها أم تبقى معلّقة على مشاجب الظروف وتعليلاتٍ النفس -منّا- تذهب إليها لتخفيف الملام عنها، وحتى لو بترديد «ما كل ما يتمنى المرء يدركهُ».
وهنا نعي حديث طيّه استعاذة النبي صلى الله عليه وسلّم من الهرم، فقد صحّ عند البخاري -رحمه الله- من حديث (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ.. إلى أن قال وَالْهَرَمِ).. الذي هو الكِبَرُ والردُّ إلى أرذل العمر.
فهي مرحلة تؤلم ليس فقط ذاتها، بل ما تخلفهُ.. من غاية منبئة بوجلٍ عن (زروع دنا حصادها)، أي أوشك (البين) الأبدي أن يبزغ.
وربما لو تأملنا كهذا الحالة لوجدناها تُفزع، فكيف بحبيبك.. الذي تعظّ على أنامل التحسّر.. أن ما يحولْك عنه ليس أسباب دنيا من (اغتراب).. مثلاً.
بل دواعي من العمر والعطب الذي أول وهلة يمس به ناصية الجسد فإذا صاحبه قد انحلته الحال، وتسنّة منه الأمزجة والأحوال..
اليوم كُلمنا بابن عم (أبي) وهو بمقام العم أبو خالد (سليمان بن عبدالله الصالح المطلق) رحمه الله ووالديه، وقد كان داؤه حائلاً في كثير من المناسبات عن حضوره، وبالتالي انعكس على من يأمّل أن يزوره..
بخاصة وأن الراحل - رحمه الله- في جعبته تاريخ وأحداث أَنست على متربة بسماع شيء منها، وإن كانت على اضطراب في صحّته، فقلت في نفسي أيننا وعهد كان به صحوا، هذا ومما أذكر منه أيام حضور ملكته الصحية يسمعنا ما يشنّف آذاننا ويستحضر ربما بعض وعينا عن تاريخ وقصص أتى عليه من الدهر ما أتى على لُبد، حتى أمسى وقعها لدينا يزيد من الطعم كما تفيض هي مما نسطّره في كننا لذاك العبق أقصد التاريخ المجيد لـ(الآباء والأجداد) لأنه باق بنا تليد.. وأصدقكم بما أبوح أن كم هو عزيز علينا طي سجلّه، وكان بمقدورنا أن نحاكيه لولا زمن تغيرت فينا معالمه، وأبق عنّا.. أعني مراكبنا جميل مظاهره، إلا ما شاء الله.
فسلام عليك «ابن العم» من الله والرحمات الذي نستودع به من هو مثلك، ذا أثار هي بيننا لا تمحى مآثرها..
و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.