العقيد م. محمد بن فراج الشهري
لا يكاد يمضي شهر من السنة أو أسبوع إلا وتقوم المظاهرات تلو المظاهرات في إيران، وخروج الشعب إلى الشوارع في كل مناطق إيران شمالها، وجنوبها، وشرقها، وغربها، وكذلك في العاصمة نفسها، وخروج هذه الجماهير المتواترة هو للمطالبة بلقمة العيش، والحياة الكريمة التي افتقدوها منذ زمن بسبب الحكومات الكهنوتية التي توالت على إيران منذ تسلط الخميني عليها وحتى يومنا هذا.. وخلال كل هذه الحكومات المتعاقبة تم التنكيل بالآلاف من أبناء الشعب الإيراني، كما تم تعليق الكثير منهم فوق المشانق ظلماً، وبغياً، وعدواناً، دون أدنى مراعاة لحقوق الإنسان فهو غير معترف بها في تلك الحكومات، وهي في وادي وكرامة الإنسان في وادٍ آخر... وقد عبّر عن ذلك كثير من الكتاب والمناضلين، والدعاة، والأدباء والشعراء، وكل الساعين لخدمة السلامة والإنسانية، وبينوا كثيراً من الأحداث التي تحصل داخل إيران وفي المعتقلات، و السجون غير ما هو ظاهر للعلن.. يقول (توران تحت عنوان «الموت الرخيص وميسور التكلفة») سطر من أحد أشعار بكتاش ابتين الذي قتل داخل سجن الملالي، بسبب كتابته عن الحياة والحرية، والاحتجاج على القمع، والأوضاع المأساوية التي تعيشها بلاده، لم يستسلم لكنه ظل مقيداً بالسلاسل حتى وفاته، بعد نقله إلى المستشفى في أوج مرضه الخطير، وفي يوم تشييع جنازة ابتين في (إمام زاده عبدالله بمدينة شهرري)، هتف الناس («الموت للظالمين» والسلام على ابتين) وفي الوقت نفسه في سجن (ابتين) تجاهل زملاء ابتين ومساعدوه تهديد حراس خامئني وهتفوا الموت لخامئني، والموت للديكتاتور، كما أشعل الناس الشموع أمام مستشفى ساسان تخليداً لذكرى ابتين، فيما أحاط عملاء خامئني القمعي، المستشفى خوفاً من انتشار الحركة. كما هتف مشيعو الشاعر (ابتين) بصوت واحد الموت لخامئني الذي يستخدم جرائم القتل المتسلسلة لإسكات أصوات الباحثين عن الحياة وصحيفة حكومية تحذر من زيادة أكبر في التعبير العلني عن كراهية الشعب للنظام، والخوف، والرعب من أصحاب الأقلام يكشفان هشاشة نظام الوالي الفقيه، والشرطة اقتحمت سرادق العزاء، واعتقلت العديد من المعزيّن كما فضح عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الدكتور/ علاء الدين توران قصص الموت الرخيص في طهران، ومقتل الآلاف من الباحثين عن الحرية على يد حكومة الملالي.. وروى في تحليل منشور حكاية مقتل الشاعر والمخرج الإيراني الكبير (بكاش ابتين) الذي قضى في الأسر خلف القضبان مشيراً إلى أنه لن يكون آخر الضحايا لسلسلة جرائم القتل التي تتم بشكل يومي على يد العصابة التي تحكم طهران، والمعروفة باسم (القتل المتسلسل) بعدما بدأت جرائمها في التسعينات، وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، وأثارت موجات من الاضطرابات الاجتماعية، والإدانات الدولية لنظام الملالي، ويستخدم خامئني ونظامه الإجرامي أولئك الذين لا يخضعون للرقابة بل يتحدثون عن الحرية ويكتبون عن حقوق المنكوبين، ولكن مثلما اتهم خامئني ومافيا القتلة بمقتل (ستار بهشتي) منذ (9) سنوات حتى الآن مع مطالبة الشعب الإيراني بالعدالة باسمه، فقد نجت وفاة (ابتين) من حركة مماثلة في غضون أيام فقط وفقا لتأكيدات عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وأثار هذا مخاوف بشأن العواقب الاجتماعية للجريمة، حيث حذرت صحيفة (مستقل) الحكومية في 10 يناير من زيادة أكبر في التعبير العلني عن كراهية النظام، وكتبت (ان هذه التصرفات وضيق الأفق لن يكون لها تأثير آخر سوى توسيع الفجوة بين الحكومة والشعب)، وليست هذه المشكلة الوحيدة التي تواجه النظام حالياً مع المثقفين، والأدباء، والشعراء، بل مشاكل متعددة سياسية، واقتصادية، واجتماعية، ودولية،كما أن ثروات إيران المبددة على ميليشيات الخراب والدمار في لبنان، وسوريا، واليمن، والعراق، وفي إفريقيا، سحبت حقوق الشعب الإيراني وجعلت معظمه يعيش تحت خط الفقر والمظاهرات التي تقوم حالياً خير دليل على ذلك.. هذا النظام وآلياته جعلت من شعب إيران بأكمله شعب يموت قهراً وهو حي وإيران تنتظر الأسوأ في قادم الأيام، ومليشياتها الإرهابية في طريقها للإفلاس مادياً، ومعنوياً، وعسكرياً.