فضل بن سعد البوعينين
كان لافتاً كسر البروتكول الصحي من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في استقباله لجلالة السلطان هيثم بن طارق، في زيارته المملكة، وهو الاستقبال الأول لخادم الحرمين الشريفين، منذ جائحة كورونا، ما يؤكّد حرص القيادة على إجراء اللقاء المباشر بدلاً من الافتراضي، كما جرت العادة بين لقاءات القادة وزعماء الدول عالمياً. استثناء بروتكولي يعكس حجم التقدير والمحبة والعلاقة المتميزة والحفاوة بالضيف الكريم، وأهمية الزيارة والحرص على توثيق الروابط المشتركة، وتحقيق الأهداف الإستراتيجية والتكامل الأمثل بين البلدين.
توقيع مذكرة تفاهم في شأن تأسيس مجلس تنسيق سعودي عُماني لتعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات، والاتفاق على توجيه الجهات المعنية للإسراع في افتتاح الطريق البري المباشر والمنفذ الحدودي من ثمرات اللقاء. سيسهم المجلس التنسيقي في وضع رؤية مشتركة لتوثيق العلاقات البينية للوصول بها إلى مرحلة التكامل في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وعلى أسس من الكفاءة والاستدامة المحققة للأهداف.
معالجة التحديات التي تعترض جهود تعميق العلاقات من الأهداف الرئيسة. وأحسب أن الجانب الأمني من أهم أدوات التكامل المنشود، فلا يمكن التوسع في التكامل الاقتصادي دون تحقيق هدف الرؤية الأمنية الموحّدة التي تعتبر أمن واستقرار أي من البلدين هدفاً أصيلاً تبنى عليه سائر الأهداف التنموية والاقتصادية والاستثمارية، فالأمن قاعدة الاقتصاد، وإن كان البعض ينظر له من خلال الأمن الداخلي، وبمعزل عن محيطه الخارجي، إلا أن تأثيره الخارجي على دول الجوار حاصل لا محالة، ما يستوجب العمل الجماعي لتحقيق هذا الهدف الأسمى الذي من خلاله يمكن ضمان تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والبشرية.
أمن يفترض أن يكون أمن واستقرار المنطقة ودول الخليج أولوية قصوى، وأحسب أن للمملكة وعمان دوراً حيوياً في تحقيق هذا الهدف الإستراتيجي الذي يقطع الطريق على خطط الغرب التدميرية تجاه المنطقة.
مقومات التنمية الاقتصادية، والفرص الاستثمارية باتت متاحة في البلدين، ويمكن من خلال إستراتيجية التكامل تحقيق أقصى معدلاتها على أرض الواقع. توفر الفرص الاستثمارية في القطاع السياحي، الصناعي، الخدمات اللوجستية، التعدين، الأمن الغذائي، والطاقة المتجددة يجعل من عمان منجم فرص لرجال المال والأعمال السعوديين، كما أن ملاءة القطاع الخاص في المملكة، وكفاءته، وكفاءة الشركات الكبرى، يوفر الاستثمارات النوعية القادرة على اقتناص تلك الفرص المهمة وتحقيق جانب مهم من أهداف رؤية 2040 العمانية.
عمق المصالح المشتركة يجعل من التحديات، أياً كان نوعها، أمراً هامشياً في مقابل العوائد الإيجابية المتوقعة، وأحسب أن وجود سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهندس رؤية 2030، وجلالة السلطان هيثم بن طارق، رئيس اللجنة الرئيسة لرؤية عمان 2040 ستسهم في معالجة التحديات للوصول بالعلاقات الاقتصادية إلى مرحلة متقدمة من التكامل المنشود. فما يجمع بين البلدين من توافق تام، أشار له البيان الختامي، يعزِّز الوصول إلى مرحلة المواءمة بين الرؤيتين، وتحويل بعض أهدافها الاقتصادية إلى واقع معيش وبخاصة ما ارتبط منها بتدفق الاستثمارات وتنويع مصادر الاقتصاد وخفض الاعتماد التدريجي على النفط. هناك تقاطع واضح في الأهداف بين الرؤيتين، في تنويع مصادر الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط، والتحول من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد متنوع يعتمد الاستثمارات الخاصة محركاً له، وهو تقاطع يزيد من فرص نجاح المواءمة والشراكة الاقتصادية.
الدكتور ماجد القصبي، وزير التجارة ووزير الإعلام المكلَّف أكد على أن القيادتين «حريصتان على تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية وتعزيز التعاون المشترك من خلال مجلس الأعمال السعودي العماني، الذي سيسهم في ترجمة الفرص التجارية والاستثمارية إلى شراكات ملموسة».
لمجالس الأعمال دور مهم ورئيس في تنمية العلاقات الاقتصادية، ومتى حظيت برعاية القيادة وتوجيهها، سيصبح دورها أكثر فاعلية في التنمية عموماً، وهذا ما أعتقد بإمكانية تحقيقه قريباً - بإذن الله.
أعلنت زيارة السلطان هيثم بن طارق للسعودية عن بدء مرحلة جديدة من الشراكة الإستراتيجية والاقتصادية والاستثمارية، وهي مرحلة مهمة تحتاج إلى تكثيف الجهود وتفعيل التفاهمات والاتفاقيات للوصول إلى مرحلة التكامل بين السعودية وعمان، وبما ينعكس على خيري البلدين والشعبين الشقيقين.