فضل بن سعد البوعينين
قطاع الخدمات اللوجستية من القطاعات الواعدة في المملكة، ومن ركائز برامج رؤية المملكة 2030، التي ركزت على رفع مساهمة قطاع الخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي، ورفع كفاءة الموانئ والمطارات وشبكات النقل. ومن الملفات المهمة التي ركز عليها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، باعتبارها من الفرص الاقتصادية المهمة غير المستغلة، برغم مقومات النجاح المتاحة وفي مقدمها موقع المملكة الإستراتيجي وملاءتها المالية.
تحويل المملكة إلى منصة لوجستية عالمية، هو الهدف المُعلن الذي دخل مرحلة التنفيذ بعد الإعلان عن الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، والتي تهدف «لترسيخ مكانة المملكة مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط القارات الثلاث، والارتقاء بخدمات ووسائل النقل كافة، وتعزيز التكامل في منظومة الخدمات اللوجستية وأنماط النقل الحديثة لدعم مسيرة التنمية الشاملة في المملكة».
العمل وفق رؤية واضحة، وإستراتيجيات محكمة هو السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف المستقبلية وإنجاح خطط الإصلاح الاقتصادي وفي مقدمها تنويع مصادر الاقتصاد والدخل.
ستسهم الإستراتيجية في إعادة هيكلة منظومة النقل وتنمية القطاع خاصة، وأنها تتضمن عددًا من المشروعات النوعية المعززة لمكانة المملكة وتنافسيتها العالمية، ومنها إنشاء منصات ومناطق لوجستية عالمية ومحاور دولية للطيران وتطوير البنى التحتية للموانئ وتوسيع طاقتها الاستيعابية، كما أنها ستسهم في تنويع مصادر الاقتصاد وتنمية المحتوى المحلي وتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير شبكة لوجستية متكاملة تعزز مكانة المملكة العالمية، وتوفر لها قنوات آمنة تحميها من تداعيات الأزمات العالمية التي قد تتسبب بقطع الإمدادات لأسباب لوجستية صرفة، كما حدث في أزمة كورونا التي أكدت أهمية القطاع من الناحيتين الاقتصادية والأمنية أيضًا، حيث يشكل أمن الإمدادات عمومًا، وفي الأزمات على وجه الخصوص، أولوية قصوى.
زيادة مجموع أطوال السكك الحديدية المستقبلية وتنفيذ مشروع «الجسر البري» من أهم مكونات الإستراتيجية. ربط موانئ المملكة على ساحلي الخليج العربي والبحر الأحمر، وبمراكز لوجستية حديثة، ومراكز للأنشطة الاقتصادية والمدن الصناعية والأنشطة التعدينية، سيسهم في تعزيز التنمية المستدامة، وخلق شبكة ربط آمنة وذات كفاءة عالية ويخفف الضغط على الطرق البرية كما أنه سيخلق منظومة إمدادات ونقل كفؤة داخل المملكة، وستتعاظم أهميتها وكفاءتها بربطها، مستقبلاً، بالشبكة الخليجية.
للجسر البري أهمية قصوى في الأمن الإستراتيجي، لما يوفره من ربط بين الشرق والغرب. فبالإضافة إلى ربط الموانئ على ساحلي البحر الأحمر والخليج العربي ما يضمن استدامة تدفق البضائع والسلع، وتحقيق الأمن الغذائي، فإنه يوفر وسيلة كفؤة وسريعة لنقل الإمدادات العسكرية في الأزمات، ويمكن تعزيز ذلك الدور حين الربط مع قطار الشمال.
قد تكون المناطق الحرة من مخرجات إستراتيجية النقل والخدمات اللوجستية مستقبلاً، خصوصًا أن المملكة في أمس الحاجة لخلق مناطق حرة على الخليج العربي والبحر الأحمر وبعض المواقع الحدودية البرية. مدينتا رأس الخير وجازان للصناعات الأساسية والتحويلية من المدن الصناعية المهيأة لإنشاء مناطق حرة على الخليج العربي والبحر الأحمر. أما المناطق الحرة المشتركة فيمكن إقامتها على الحدود مع دول الجوار الأردن والعراق واليمن؛ لتحقيق الأهداف الاقتصادية والإستراتيجية الأمنية.
رفع مساهمة القطاع من 6 % إلى 10 % من مستهدفات الإستراتيجية وهو أمر يحتاج إلى كثير من العمل التنفيذي لتحويل الإستراتيجية لواقع معاش. مرحلة التنفيذ هي مرحلة التحديات الكبرى التي أرجو أن تزال من أمامها المعوقات التقليدية، وأن تعمل الوزارة على تحقيق متطلباتها بكفاءة وجودة متوائمة مع الجودة العالمية، فالتنافسية هي الضامن الأول لتحقيق الأهداف الاقتصادية.
يوم بعد آخر تتكشف أهمية رؤية 2030 في تحقيق هدف تنويع مصادر الاقتصاد وتحقيق الاستثمار الأمثل للمقومات المتاحة وخلق قطاعات جديدة، كقطاع الخدمات اللوجستية الذي بدأت مرحلته التنفيذية بإطلاق إستراتيجيته المباركة، التي ستعيد تشكيل قطاع النقل والخدمات اللوجستية وفق رؤية عالمية، بإذن الله.