فضل بن سعد البوعينين
تبدأ اليوم زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق للسعودية بدعوة كريمة من أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، زيارة مهمة في مرحلة تشهد فيها المنطقة والعالم متغيرات وتحديات سياسية واقتصادية وأمنية وصحية، تستوجب التعامل معها وفق رؤية تشاركية تسهم في تحقيق أمن واستقرار وازدهار المنطقة.. زيارة كريمة تعكس عمق العلاقات الأخوية وأواصر القربى والجوار، ووحدة المصير. تفتح الزيارة الكريمة آفاق التعاون المشترك في جميع المجالات، وتعزز العلاقات البينية، وتدعم في الوقت عينه منظومة التعاون الخليجي، المظلة الأعم لدول الخليج. كل تحرك مثمر ومعزز للعلاقات البينية ينعكس إيجاباً على مسيرة مجلس التعاون الخليجي ويحسن من أدائه ويعالج بعض تحدياته، وبخاصة ما ارتبط منها بالملفات الاقتصادية والسياسية.
كان لافتاً، منذ تولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في السلطنة، رغبة القيادتين في الانتقال بعلاقاتهم الأخوية الجيدة إلى مرحلة من التكامل الذي ينعكس إيجاباً على البلدين والشعبين الشقيقين. قد يكون التكامل الاقتصادي في مقدم الأولويات، إلا أن الرؤية الاستراتيجية الشاملة للعلاقات السعودية العمانية قد تعيد ترتيب جميع الملفات وفق ما تتطلبه المرحلة الحالية، والاحتياجات المستقبلية، خاصة مع دخول البلدين مرحلة إعادة الهيكلة والإصلاحات السياسية والمالية والاقتصادية وإطلاق رؤية المملكة 2030، ورؤية عمان 2040 المتناغمتين في أبعادهما الاقتصادية، والتركيز على تنويع مصادر الاقتصاد والدخل وتحقيق الاستثمار الأمثل للمقومات المتاحة.
تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون المشترك في مجال التجارة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، بما يخدم توجهات البلدين من الأولويات التي تسعى القيادتان لتحقيقها، خاصة بعد تأسيس مجلس التنسيق السعودي العماني الذي يسعى لوضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بينهما ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات الاقتصادية والتنموية، والسياسية والأمنية والعسكرية.
استكمال مشروع المنفذ البري الذي يربط بين البلدين، سيسهم في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري ويسهل عملية الربط اللوجستي مع الموانئ العمانية، فموقع عمان الاستراتيجي وإطلالتها على بحر العرب يعطي موانئها أهمية قصوى في الربط اللوجستي مع المملكة.
ولعلي أشير إلى استراتيجية النقل والخدمات اللوجستية التي أطلقت -مؤخراً- في المملكة وإمكانية استفادتها بشكل كبير من المنفذ البري ومواءمة الأهداف السعودية العمانية ذات الأبعاد اللوجستية، إضافة إلى تعزيز التبادلات التجارية بين البلدين والعالم. تعظيم حجم التبادلات التجارية من الأهداف المهمة، خاصة أنها لا ترتقي حالياً، إلى الحجم المقبول، حيث بلغت ما يقرب من 3.36 مليار دولار، وهو رقم لا يعكس حجم العلاقة الوثيقة بين البلدين.
موقع عُمان الاستراتيجي ووجود المناطق الاقتصادية والموانئ من المزايا التنافسية التي تسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، وفي مقدمها الاستثمارات السعودية التي أعتقد أن الزيارة الحالية ستعززها بشكل كبير خاصة مع توقيع بعض الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة التي تدعم الشراكة الاقتصادية بين البلدين. أحسب أن العلاقات السعودية العمانية في طريقها الصحيح نحو التكامل الأمثل وتعزيز الشراكة الاقتصادية في القطاعات السياحية والصناعية والخدمات اللوجستية؛ وربما تشهد الفترة المقبلة تدفقاً أكبر للاستثمارات السعودية على السوق العمانية وارتباطاً أوثق بين اقتصاد البلدين تعززها الإرادة السياسية والمصالح المشتركة، وقبل كل ذلك أواصر الأخوة والمحبة التي تربط القيادتين والشعبين الكريمين.