سهوب بغدادي
الأطفال هبة الرحمن وأحباب الله، فالحمد لله على نعمه ورزق الله كل راغب بها. فمن الواجب شكر النعم لدوامها والمحافظة عليها، فكيف بنا أن نحافظ على نعمة الأطفال؟ خاصة خلال الجائحة العالمية بتفشي فيروس كورونا وتحوره أخيراً، تتولد علامات الاستفهام حول صحة وسلامة الأطفال، والجميع يعلم أن هذه الفئة ليس لديها لقاح مخصص للوقاية من الفيروس. في هذا السياق، أذكر حضوري لقاء خاصا بوزارة التعليم لمناقشة تداعيات الجائحة على العلمية التعليمية حيث شملت التداعيات الطالب والمعلم والأسرة على حد سواء. ولفت نظري تصريح طبيب نفسي عن تزايد حالات العنف الأسري خلال فترة منع التجول، فضلا عن ظهور أمر سلبي آخر ولكنه خفي، ألا وهو الإهمال، فإهمال الطفل جريمة تتساوى مع جريمة العنف بأشكاله الجسدية واللفظية والنفسية. ويأتي الإهمال على أنواع من البدني بعدم إعطاء الأمان في المسكن وتوفير الأمور اللازمة لوقاية الطفل من الحوادث المحتملة -لاقدر الله- أيضا عدم توفير الغذاء الكافي أو الصحي، كمن تعطي طفلا رضيعا (مشروبا غازيا في قارورة الرضاعة) ولقد رأيت ذلك بأم عيني! وهنالك إهمال عاطفي وإهمال تعليمي، لذا حرصت وزارة التعليم على اختيار أوقات الحصص التعليمية بعناية لكل مرحلة تعليمية انطلاقا من مبدأ دور الأهل المدعم للعملية التعليمية لضمان استمراريتها على الوجه المرجو. إن الجائحة جعلت الآباء يشعرون بالذنب تجاه الأطفال باعتبار زيادة وقت فراغهم، فأغلبيتهم يفضلون الاختلاء بالنفس والعزلة، ويعني ذلك زيادة (وقت الشاشة) والأجهزة الإلكترونية، فلا بأس أن يزيد وقت الشاشة خلال هذه الفترة دون الشعور بالذنب باعتبار أن الخروج للأماكن العامة يعرض فلذة أكبادنا إلى الوباء -حمانا الله وإياكم- وعلى الرغم من ذلك، نجد الأطفال ينتشرون في المنتزهات والحدائق والأسوأ من ذلك في الأسواق والمحال التجارية والمطاعم، أعني أن الطفل والأسرة بحاجة إلى الخروج وكسر العزلة بين الفترة والأخرى ولكن بشروط! فهل توفرت تلك الشروط؟ ليس الجميع والأغلب للأسف من خلال ملاحظتي يتركون الأطفال دون لبس كمامة أما الأماكن العامة والمحلات التجارية شهدت تراخيا في إجراءات الوقاية وخاصة لبس الكمامة للأطفال، فيكون كل التركيز على الكبار وليس الأطفال الذين بصحبتهم. فضلا عن عدم مراقبة الطفل الحثيثة لتحركاته وسكناته وصولاته وجولاته في الأماكن العامة، فطفل يقع على الأرض والآخر يسك كل شيء يقابله وفي الجهة المقابلة من المحل أطفال يأكلون ويلعبون في ذات التوقيت! لن أنسى تلك الطفلة التي قالت لأختها الصغرى «عادي كلي الحلاوة من الأرض بس قبلها بوسيها وحطيها فوق رأسك ثمن قولي بسم الله» فعلا بسم الله ثقة بالله، ولكن حسن التوكل على الله يستلزم العمل والأخذ بالأسباب.
كل يوم نرى ازديادا في الحالات، وكل ما نخشاه أن يأتي رمضان والعيد ونحن في حالة مشابهة للعام الماضي، ليست مبالغة بالتأكيد فأغلب الدول الأجنبية فعلت حالة منع التجول والحظر التام أيضا، فلماذا التهاون والتراخي من قبل العامة في الوقت الذي تسعى فيه الدولة والكيانات بأكملها لمكافحة الوباء. إنها حلقة متكاملة لكي نصل إلى بر الأمان وتجاوز الأزمة، ودون دور الفرد ستصبح هذه الحلقة مفرغة وما نلبث أن نشهد تحسنا حتى نرجع إلى نقطة البداية.
«تحدٍ كبير واجهناه سوياً، وقطعنا فيه أشواطاً، وكان له في ذاكرتنا مكان.. ومرة أخرى رجاءً من القلب، بأن لا نسمح لهذا التحدي بأن يحضر من جديد» دكتور توفيق الربيعة.