علي الخزيم
عبر سنوات خلت كان يومنا الوطني يمر على المواطن العادي عزيزاً غالياً نستشعره بنفوسنا ونتحدث عنه بمجالسنا ومدارسنا، ونركِّز عيوننا وعقولنا بشاشة التلفاز مبتهجين جذلين مع تلك الأناشيد والعرضات السعودية الوطنية التي تتغنَّى بحب الوطن وتذكِّرنا بما صنع الأماجد الأفذاذ من رجالات جزيرة العرب، وما أبلاه صقر الجزيرة الملك المؤسس جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل ورجاله المخلصين؛ تَجَشَّموا الصعاب ليجمعوا الشمل ويوحِّدوا البلاد وينبذوا الضلال وينشروا الأمن والاستقرار تمهيداً لمرحلة البناء والازدهار والنماء الشامل الذي نشاهده اليوم -ولله الحمد- ثم تمضي المناسبة كما يمضي أي نفيس ومحبوب نشعر مع مغادرته بالتقصير بحقِّه، وكأننا لم نُحِطْه بحسن الوفادة، وهذا ربما يعود - بعقود أفِلَت - لعدم توافر عناصر وإمكانات صناعة الاحتفالية بما يليق بفخامة ورمزية يوم الوطن.
في السنوات الأخيرة الماضية اختلفت مراسم الاحتفال بيوم الوطن رسمياً وشعبياً ولتزاحم وكثافة هذه المراسم المُعبِّرة عن حُب جَم للقيادة والوطن كان لا بد من يوم إجازة رسمية ليتمكَّن الجميع من أداء وتقديم أجمل ما لديهم وأرقى ما يمكن مما يستحقه بلد العز والفخار مملكة العزم والحزم مملكة الإنسانية، فمع تعدد قنواتنا التلفزيونية وإذاعاتنا تتنوَّع البرامج والفقرات الاحتفالية بهذه المناسبة العزيزة ذكرى توحيد المملكة على يد البطل الفذ الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه -، وتزخر الحدائق والساحات بعشرات الفعاليات الاحتفالية الخاصة بالمناسبة الوطنية، وتتجدَّد احتفالات الأسر وتعويد الأطفال الاحتفاء بيوم وطنهم المجيد، يتوجهون لشراء الزينات والألعاب والملابس والرايات المزدانة بكل ما يرمز للوطن وقيمته لدى المواطن، وما يُعبِّر عن حب القيادة لقاء ما يجده المواطن منها من الوفاء والإخلاص وحكمة القيادة والريادة، وأخذ التنافس بين مناطق المملكة ومحافظاتها يتجدَّد ويتصاعد لتقديم إبداعاتها الاحتفالية وبرامجها التي تجمع بين جودة ابتكار الفعالية ومتعتها وجاذبيتها للكبار والصغار، كما تنبَّهت محلات الألعاب والحلويات والتسالي إلى هذا الحب الجارف من المواطن تجاه قيادته وأرضه وفخره بنهضته وتطورها المتسارع؛ فأخذت تستعد للمناسبة بتقديم عروضها، مبرزة راية التوحيد علم المملكة العربية السعودية على منتجاتها المتعدِّدة، ومثلها المؤسسات التجارية بإعلانها عن خصومات مناسبة احتفاءً بيوم الوطن، فكل هذا مما يشير بجلاء إلى ارتفاع معدلات الحس الوطني الشعبي تجاه الأرض وحباً للقيادة المخلصة الرشيدة؛ منذ نشأة الدولة السعودية مروراً بعهد موحِّد المملكة المؤسس جلالة الملك عبد العزيز وصولاً لعهد ملك العزم والحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، فسبحان الله ما أشبه سلمان بعبد العزيز وما أشبه محمداً بأبيه وجده؛ حنكة وسداد رأي وعزم وحزم وإخلاص للدين والوطن والرعية.
ولا يمكن لجُمَلٍ قصيرة؛ ولا مساحة محدودة أن تحيط بما يجول بالخواطر من عبارات لوطن كوطن المجد والعز والبطولة والإنسانية، وما يليق بفارس من دهاة العرب كعبد العزيز، وقيادة بزعامة ملك العزم والحزم، وسمو ولي عهده الذي حباه الله همة عالية تقودنا بعون الله للقمة.