عبدالوهاب الفايز
ما هو الجديد الذي كشفته لقاءات أعضاء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، من الكويت وغيرهم، مع القذافي؟
في الأسبوع الماضي، في هذا المكان، قلت إن لقاءات الخيمة التاريخية وضعت الفئات المخدوعة في خطاب الجماعة ونواياها في العالم العربي، وبالذات في الخليج، أمام حقيقة هذا التنظيم الخطير الذي بنى تحالفاته في العقود الماضية مع أطراف كان ظننا أنه يعاديها عقديًا وسياسيًا، ولكن اتضح أن مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) هو الحاكم والموجه الأساسي لتحالفات الجماعة وإدارة مصالحها وصراعاتها.
مبدأ الجماعة في إدارة التحالفات مع الأضداد وهو الذي تكشف من حوارات القذافي، صاحب الكتاب الأخضر الذي نكل بالإسلاميين وسجنهم وشردهم من ليبيا، هذا المبدأ النفعي الميكافيلي هو الذي يجعل قيادات الإخوان ورموزهم يدعمون الآن (حقوق المثليين) لأن هذا يلقى الدعم من تيارات سياسية غربية تعادي المملكة وكان لها الدور الداعم لمشروع الربيع العربي. ولكن في سبيل الوصول إلى الحكم والسلطة كل شيء مباح وتتيحه المبادئ الأساسية السرية للجماعة، بالذات تنظيمها الدولي.
الإخوانيون المتسامحون مع حقوق المثليين ومع الأفكار الليبرالية، والذين يتقربون إلى جماعات حقوق الإنسان الغربية بعد التقاء المصالح الدنيوية، كانت أجندة هؤلاء في دول الخليج في الثمانينيات والتسعينيات تقوم على التزمت وتحريض الشباب على التشدد وفكر التطرف، ورأينا ما نتج عنه من أعمال إرهابية. الأشخاص الذين كانوا يحرضون على الطرف وصل بهم التلون والخداع إلى أنهم يقفون مع المنظمات الدولية المشبوهة ويدعمون (حقوق المثليين)، وأمور أخرى يدعمها اليسار الغربي.
هذا التبدل دلالاته تعني أن مواقفهم ليست عقدية أو دينية، إنما تتلون حسب الحاجة السياسية لـ(اللعب على السذج) لتحقيق أهدافهم المعروفة.
وتقلب مصالحهم بانت ملامحه في الثمانينيات. طبقًا لأحد المتابعين لتطور فكر الجماعة وتقلباتها السياسية يرى أن (الإخوان عموماً في الثمانينيات أيام الحرب الباردة كان هناك إمكانية لقيام أنظمة شمولية فكانوا يقدمون أنفسهم على أن لهم مشروعًا خاصًا، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفرد أمريكا، أدركوا عدم إمكانية قيام أنظمة إلاَّ على النمط المدني الغربي الديمقراطي، فحدث لديهم انعطافة حادة في الرؤية السياسية، وتركوا كل المبادئ التي عاشوا عليها سنوات طويلة، فهم في الحقيقة جماعة سياسية توظف المفاهيم جميعها لخدمة أهدافها السلطوية).
وهذا التلون هو تقريبًا الذي دفع كثيرين ممن انضموا للجماعة إلى الخروج عليها، بعد القناعة أنها جماعة (سياسية نفعية) وليست دعوية إسلامية، هدفها نشر الدين بعيدًا عن السياسة.
والآن.. ماذا نفعل تجاه مشروع التحالف السياسي الإيراني التركي الإخواني القطري، الذي يبرز بقوة هذه الأيام؟
هذا المشروع بأهدافه التخريبية للعالم العربي والذي يصدم المخدوعين والآخذين بحسن الظن في الخليج العربي، ويقدم حالة واقعية لتلاقي المصالح السياسية، هذا المشروع يعطي الفرصة لمواصلة كشف الغطاء السياسي النفعي لمشروع الإخوان المسلمين في العالم العربي. والمشروع خطير لأنه يلقى الدعم والتأييد الخفي المريب من أطرف دولية وإقليمية تلتقي مصالحها، وتتكشف نواياها الخبيثة تجاه السعودية وتجاه المنطقة.
واجبنا، بل واجب كل من يخاف على أمن ومستقبل بلاده، أن يكرس جهده لأجل محاربة هذا المشروع الخطير، وكشف أهدافه التي تسعى إلى خراب البلدان وتفكيكها وتقاسم الكعكة!!