عبدالوهاب الفايز
اليوم نواصل الحديث عن أهمية تقليل الأعباء المالية على القطاع العام، وهذا يتطلب أولاً عمل الأجهزة الحكومية على رفع كفاءة الإنفاق، وإحدى الآليات التي تخدم هذا الهدف الأساسي التوجه إلى التخصيص وإسناد الخدمات التي يستطيع القطاع الخاص أو القطاع الثالث القيام بها. ونقف اليوم عند قطاع المياه الذي ينجح في خفض النفقات، وهذا يخدمنا على جبهة التخصيص، فالاستثمارات الخاصة في المياه نحتاجها نظرًا لحساسية الوضع المائي لدينا حيث الطلب المتزايد على استهلاك المياه سنويًا.
استهلاكنا للمياه ينمو بنسبة 7 في المائة سنويًا، وتكلفة تشغيل القطاع، منذ تأسيسه، كانت عالية جدًا، واستنزفت مواردنا المالية. هذا الوضع تم تداركه في السنوات الماضية حيث تم اتخاذ الإجراءات الضرورية لرفع كفاءة إدارة وتشغيل القطاع، وتم تطوير التشريعات للحد من المشكلات الهيكلية في إدارة المياه، واسترتيجية السياسة المائية في المملكة تستهدف تطوير القطاع لأجل (ضمان تنافسية قطاع المياه ومساهمته الإيجابية في الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز الحوكمة الفعالة ومشاركة القطاع الخاص وتوطين القدرات والابتكار).
أيضًا اتخذت الوزارة خطوات مهمة لرفع كفاءة إدارة المياه داخل المدن وخفض مستوى التسرب في الشبكات ومعالجة عدادات المياه. وتوسعت في بناء السدود لرفع مستوى المياه الجوفية. واتخذت خطوة حاسمة لمعالجة المحاصيل الزراعية التي تستنزف المياه.
أيضًا قطاع تحلية المياه المالحة يتحمل الآن العبء الأكبر لتوفير الأمن المائي، فالتحلية توفر أكثر من 60 في المائة من احتياجاتنا، وهذه النسبة ستتصاعد. لأجل استقرار الوضع المائي ورفع كفاءة التشغيل لقطاع التحلية وافق مجلس الوزراء العام الماضي على نموذج تخصيص المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، وكذلك وافق (على تأسيس شركة نقل وتقنيات المياه لتكون شركة مملوكة للحكومة تعمل على أُسس تجارية، لتوفير خدمات نقل وتقنيات المياه).
الأمر المهم هو مبادرة المؤسسة إلى اتخاذ الخطوات العملية للمضي بالتخصيص، وتدرس الآن الخيارات الأفضل لهذا البرنامج، وطبقًا للمهندس عبدالرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه ورئيس مجلس إدارة المؤسسة، الخيار المطروح الذي يتم دراسته هو (فصل أصول نقل المياه، وتحويلها إلى شركة تعمل على أسس تجارية بحيث تتولى مهام نقل المياه وتقنيات التحلية، وكذلك إعداد دراسة شاملة للمحطات وتجميعها في مجموعات يتم تحويلها إلى شركات تجارية يتم مشاركة القطاع الخاص بها، وذلك وفق الخيار الأنسب للمشاركة، بما في ذلك إشراك الأفراد في ملكية الشركات). طبعًا الأمر المهم برامج التخصيص في المملكة الحرص على أن يكون في صالح الموظفين عبر تحسين أوضاعهم وإعادة تأهيلهم، وهذا مهم.
رفع كفاءة التشغيل وخفض النفقات في قطاع المياه يحتاجه المستثمر، ونحتاجه لتوفير مواردنا المالية بالذات في قطاع التحلية. أيضًا نحتاجه كمجال مغرٍ لمشاركة القطاع الخاص في منظومة المياه والزراعة والبيئة، فهذه المنظومة توفر فرص عمل جديدة لاحتواء البطالة، وبناء المشروعات الصغيرة وتنمية القطاع التعاوني.