عبدالوهاب الفايز
الأحداث في العالم العربي تأخذنا إلى التأمل والسؤال: هل قدرنا أن نرى استمرار الصراعات والحروب وتقلب المصالح؟
تقلب المواقف وتغلب المصالح نراه الآن يجمع الطرفَين التركي والإيراني في محور واحد، يعمل ضد السعودية والإمارات والبحرين ومصر على وجه الخصوص، وعلى أمن الدول العربية بشكل عام.
هذا التطور يؤكد خطورة مشروع التنظيم الدولي لحزب الإخوان المسلمين الذي (ظل يحلم) بإقامة الحكومة الإسلامية الكبرى في الشرق الأوسط الجديد بمحور إيراني تركي وإخوان مصر.
ما يتم تسريبه من حوارات في خيمة القذافي كلها يجمعها خساسة المؤامرات الرخيصة التي لا تستغرب، سواء من مستضيفهم القذافي، أو من الأسماء التي شاركت فيها.
الصادم لشعوب دول الخليج، بمن فيهم إخواننا مواطنو قطر، هو الدور التركي في هذا المشروع. صادم لأنه يتكشف لنا بعد المواقف الإيجابية السياسية والاقتصادية التي قدمناها للرئيس أردوغان. فتركيا حظيت بدعم حكومي وشعبي، والكثير من الخليجيين استثمروا في تركيا مدفوعين بالنوايا الطيبة تجاه الشعب التركي.
المؤسف أننا نرى الأدلة تتكشف على أرض الواقع لضلوع تركيا في مشروع مهدد لأمننا الوطني. هذا رأيناه في التحالف مع الإخوان، ورأيناه في الوجود العسكري على حدودنا في قطر، والآن تتدخل في الشأن العربي عبر السعي لاحتلال ليبيا، كما احتلت قطر، وفي اعتداءاتها المتكررة على العراق!
تركيا الآن تمضي على خطى المشروع الإيراني لخلق الفوضى في العالم العربي. تحارب في أرض عربية، وتستخدم الدماء العربية، وتمول مشروعها من (ماكينة الصراف) القطرية. المسار الإيراني نفسه؛ استخدمت العرب المجندين لحزب الدعوة وفروعه في العراق والخليج، وجندت حزب نصر الله في لبنان، والحوثي في اليمن، وتمول مشروع التخريب من الأموال المنهوبة من العراق وأموال الشيعة العرب!
هذا السلوك التركي هو سعي وراء مشاريع الاستعمار الجديدة للمنطقة التي تستهدف تدمير بنية الدول العربية سعيًا لإعادة بناء الدولة الإسلامية حسب التصورات الإخوانية والإيرانية والتركية العثمانية. هذا المشروع رأيناه في أحداث الربيع/ الخراب العربي!
ما يتم تسريبه من مخططات وأحلام في خيمة القذافي يكشف الآن المستور لمن ظل يحسن النوايا بجماعة الإخوان أو بحزب العدالة وأردوغان. النوايا العدوانية الإيرانية والقطرية تجاه شعوب المنطقة تكشفت منذ سنوات، وأدبيات قيادات الإخوان التي نشرها المنشقون عن فكرهم كشفت مخططات الجماعة.
المهم أن الموقف التركي يعلن نفسه بوضوح تام للشعوب العربية المخدوعة بحسن النوايا. تركيا اتضح تآمرها منذ (استضافتها في عام 2014 اجتماعًا بين الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان للعمل ضد السعودية)، وكشفت ذلك الوثائق السرية المسربة للاستخبارات الإيرانية حسب موقع The Intercept الأمريكي. التسريبات كشفت (أن مندوب جماعة الإخوان الإرهابية بادر بمطالبة الحرس الثوري الإيراني بالعمل ضد السعودية في اليمن من خلال توحيد صفوفهما).
تطورات الأوضاع في ليبيا تبيّن الآن عمق التحالف التركي الإيراني الإخواني، وتكشف دور الحكومة القطرية (ماكينة الصراف!) فهي الممول للمجهود الحربي التركي. المحزن أن ما تتطلع إليه قطر من هذه التضحيات بأموال الشعب القطري هو فقط استثمار مهارات التآمر والخداع لدى جماعة الإخوان المسلمين لتهديد استقرار الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، أي الدول التي تتصدى لحماية الأمن الخليجي والعربي من مشاريع التخريب القطرية.
الحمد لله أننا في المواقف والأوضاع المهددة لأمننا الوطني نكون دومًا في مقدمة المواجهة. وفي السنوات الماضية رأينا كيف يتحرك الوجدان الشعبي للدفاع عن كيانه مستخدمًا أدوات حسه الوطني؛ ليبدي الرد الحازم الكاشف بالأدلة والبراهين على ما يُطرح ضد بلادنا. ونتذكر الحملة الشرسة التي قادتها مؤسسات إعلامية وفكرية أمريكية وأوروبية على المملكة، وكانت المفاجأة الصادمة لهم: وقوف الشعب السعودي بقوة للدفاع عن بلاده وقيادته.