فهد بن جليد
الراتب الشهري المثالي للمواطن الأمريكي هو 6.250 ألف دولار أي 23.437 ألف ريال في الشهر الواحد، حتى تكون الحياة النفسية والمزاجية والعاطفية للموظف العادي مُرضية وسعيدة, وأي دخل سنوي يزيد على 75 ألف دولار -مجموع هذه الرواتب- لن يجلب مزيداً من السعادة والرضا بحسب دراسة أجرتها جامعة برنستون الأمريكية -بعيداً هذه المرة- عن مقولة العرب الشهيرة (الفلوس وسخ دنيا)، وبالفعل أثبت مسح للرأي أجرته شبكة CNN أنَّ 6 في المائة من الأمريكيين لا يسعون وراء أي دخل مادي إضافي- رغم صعوبة الحياة المادية ومُتطلباتها في أمريكا - وقد وصلوا إلى قناعة مفادها: أنَّ أي دولار زائد في أرصدتهم لن يجلب لهم مزيداً من المُتعة أو السعادة الإضافية في هذه الحياة، هل هي قناعة أم فهم؟.
في عالمنا العربي لن تجد مثل هذه الدراسات التي تحدد لك (الدخل المثالي) الذي ستُصبح معه سعيداً, ويجب أن تتوقف عن جمع المزيد من المال عند بلوغه، لأنَّ القاعدة الخاطئة عند مُعظمنا هي (مزيد من المال يعني مزيدا من السعادة) دون تخطيط أو فهم للمُتطلبات بعيداً عن المفاجآت على طريقة (احفظ قرشك الأبيض ليومك الأسود) و(المال عديل الروح)، بينما في الغرب (المال الذي يسد احتياجك هو المال المطلوب فقط) وما سوى ذاك هو (مال مؤذي) لا تحرص عليه لأنَّه سيسرق سعادتك وسيُلهيك عن الاستمتاع بهذه الحياة.
بعيداً عن المثاليات، لاحظ أنَّ العاطل يحلم براتب الموظف حتى يكون سعيداً، والموظف يحلم براتب الوزير حتى يكون وجيهاً، والوزير يحلم بأن يحقق ما حققه رجل الأعمال (الهامور) الذي يعمل في حلاله ليؤمن مُستقبله ومُستقبل عياله، والتاجر أو رجل الأعمال الذي يملك الأرصدة يحلم (بالصحة والعافية) ليشعر معها (بلحظة سعادة وراحة ولذة) ولكن المال لا يمنحه الفُرصة ليغفل عنه، وفي صورة هذا المسلسل الذي لن ينتهي أبداً، والعجلة التي لن تتوقف عن الدوران، تذكر أنَّ هناك شخص يبدو سعيداً وذكياً في هذا المشهد، يعيش برضا وأمان وتصالح رغم أنَّه لم يملك سلطة ولا مال ولا جاه، ولكنَّه ملَك (قناعة) أفهمته كيف يكون سعيداً بما يملِك، دون أن يجرفه تيار (سباق المال والأحلام) الذي لا نهاية له، قد يكون راتبك الشهري مثالياً يكفيك بالفعل ولا تحتاج لمُضاعفته، ولكنك لم تنتبه -لانشغالك- بالبحث عن ما بين أيدي النَّاس!.
وعلى دروب الخير نلتقي.