أحمد المغلوث
بعد خمسة أيام يستقبل العالم عاماً ميلادياً جديداً وكان قد استقبل العالم قبل ثلاثة شهور عاماً هجرياً جديداً، ولا شك أن كل شعوب العالم العربية والإسلامية والغربية تتطلع مع إشراقة كل عام جديد وفي ثقة واطمئنان إلى أن يهيئ لها الله سبحانه وتعالى الخير كل الخير وأن يدفع عنها ما يعوق حركة الحياة ويحفظ لها في ذات الوقت أفراد أسرها ويرسخ وجودها في الحياة والجميع يتمتع بالصحة والعافية، وهذا ما يحرص عليه الجميع وفي مختلف الديانات السماوية، بل هناك من يدعو الله مخلصاً أن يزيد من رزقه وهو بكامل صحته وعافيته بعيداً عن الأمراض والمتاعب وأن ينعم على وطنه بالأمن والاستقرار. ونحن المسلمين لنا أمانينا الخاصة الممتزجة بخبرة الآباء وذكريات وتجارب الأجداد؛ وبالتالي نحلم بكل جديد يتناسب مع إيقاع الحياة المعاصرة والمتجدِّدة، فالجميع ينحاز إلى التجديد، فالتجديد كما لا يخفى على القارئ الكريم هو سمة من سمات الحياة الذي أصله الإسلام. وحمله معه منذ فجر الإسلام للإنسانية جمعاء ليكسب الحياة نوراً مضيئاً في جوانب حياة الإنسان بما يحمله من قيم ومبادئ من ضمن الرسالة الإسلامية العظمى. ليبعدها عن ما كان سائداً في الجاهلية من ركود وظواهر سلبية وآفات الجمود والعادات غير المقبولة والتي لا تتناسب مع قيم الإسلام. ولكون الإسلام ورسالته السامية التي من ضمن أهدافها الابتعاد عن الرجعية الفكرية والسير بالمسلم إلى الأمام في طريق الحق والعدل والمساواة والعمل الجاد والخلاَّق. فدفع بالإنسان ليعمل وليفعل صالحاً من أجل حياة كريمة وأن يبتعد عن الاتكالية والكسل، فحث على الاستيقاظ مبكراً . فالله بارك في البكور.. والعمل الصالح، بل إن تاريخنا الإسلامي حافل باهتمام السلف الصالح بالتجديد وأدركوا أن التجديد حركة وطاقة مستمرة وثَّابة تدفع بالإنسان، بل بالأمة إلى طاقة خلاَّقة وحركة مستمرة. وليس مجال هذه الزاوية المحدودة المساحة أن تتناول بفيض ما فعله أئمة التجديد منذ القرن الأول الهجري وما أكثرهم وما أروع ما تميزوا به من مبادرات وأفعال سجلها التاريخ الإسلامي. كتراث ناصع البياض مشرق بالعطاء، إذ استطاعوا بفضل تشبعهم بروح الإسلام السمحة أن يواجهوا مشاكل الحياة خلال نمو الدولة الإسلامية بعقلانية وحكمة وحصافة.. مما ساعدهم في نشرهم للدين الإسلامي بنجاح وبالتالي توسعهم في قارتي آسيا وإفريقيا.. وها هي بلادنا الحبيبة تسير حثيثاً بخطى وثقة على تراث وقيم الأجداد بالاهتمام بالتجديد والتطوير والتغيير وتدفع بالوطن لحمل أمانة التجديد المطلوب فنحن أمة وسط . قلوبنا وصدورنا وأبواب قادتنا مفتوحة. لكل رأي سديد. يخدم الوطن ومواطنيه. لقد حارب قادته في هذا العهد وبكل شفافية ظاهرة «الفساد» وما عاد خافياً على كل مواطن أن عيون الوطن الحادة كعيون الصقر تراقب كل من تسوِّل له نفسه المساس بأمنه واستقراره وأمواله العامة. ويا ويل من يعبث بمقدّراته. ويسيء له ومواطنيه. وهكذا الوطن يعزِّز من قوى الخير التي تحارب الفساد والفاسدين.. ولذا فإن العام الهجري والعام الميلادي كلاهما يحملان الخير للوطن والمواطن في ظل قيادة حكيمة تسعى لسعادتهما معاً.