أحمد المغلوث
أشعر بالأسى الشديد على ما وصل إليه حال لبنان الثقافة، لبنان الأناقة، ولبنان سويسرا الشرق، منذ وعيت وأحببت القراءة والاطلاع كنت اشتري مجلة «بساط الريح» والتي كانت تعنى بثقافة الأطفال والفتية وبعدها كنت أقرأ المجلات اللبنانية المختلفة التي كانت تصل إلى أسواق المملكة في الثمانينات الهجرية خصوصاً الأسبوع العربي والجمهور الجديد والحوادث ومجلة الآداب والأديب وجنباً إلى جنب كنا نقرأ كل ما نحصل عليه من كتب خصوصاً الكتب الثقافية من روايات وقصص وشعر، والحق كان للبنان دور كبير في نشر الوعي الثقافي في مجتمعنا العربي كونه كان أحد روافد الثقافة الثلاثية مع مصر والعراق، كان يشكل لنا ينبوعاً صافياً يزودنا دائماً بكل جديد ومفيد في مختلف المجالات الثقافية والمعلوماتية وحتى الإرهاصات السياسية في عالمنا العربي، بل هناك من اعتبر لبنان الرافد المنافس للقاهرة ودمشق وبغداد والمنبع الحقيقي لانطلاق العديد من الفعاليات الثقافية والاقتصادية والتجارية وحتى السياسية في عالمنا العربي وفي قصوره وبيوته وشققه وفنادقه المنتشرة في بيروت وضواحيها، كم فكرة انطلقت وكم حكومة تشكلت في المنفى وكم حزب خفي وجد طريقه للعالم من إحدى شقق شارع الحمراء أو جونيه أو جبل لبنان. وما زلت أذكر كتاب عبقري لبنان «سعيد عقل» (لبنان ان حكى) وما عبر فيه عن لبنان الإبداع والثقافة وما زلت أذكر ما كان قد كتبه شيخ الكتاب اللبنانين المتميزين (مارون عبود) وعبَّر فيه عن جوانب خفية عن حياة لبنان ورجال لبنان. ولكن وما أصعب ولكن هنا لقد تغير لبنان وفقد تلك الميزة الفريدة التي اتسم بها منذ وقوفه بكل قوة وصلابة أمام الاحتلال الفرنسي، وكيف تصدى لبنان ومن خلال رجاله وتعايشه الفريد ما بين المسلمين بمذاهبهم والمسيحيين على اختلاف انتمائهم، كان الجميع في لبنان العز يحتضنون راية شجرة الأرز، بكل اعتزاز وفخار، بعيداً عن الحزبية والطائفية وكراهية الآخر. بل كان لبنان البيت الكبير الذي استضاف الأشقاء الفلسطينين ولم يعتبرهم مطلقاً لاجئين. لكنه تغير بعدما زرعت إيران «حزب الشيطان» في أراضيه فتغير الحال إلى حال آخر، فراح هذا الحزب يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في لبنان التعايش، لبنان الحضارة والإبداع. فلو عاش شاعر لبنان سعيد عقل اليوم لكتب كتاباً جدياً سماه (لبنان إن بكى) وأشار فيه إلى كل الجوانب التي تسببت في أزمات لبنان ومشكلات لبنان، وحتى كشف المستور عنلحرب الأهلية اللبنانية التي أكلت الأخضر واليابس وحتى فسر للعالم أن معناة لبنان إنما هي وليدة وجود «حزب الشيطان» بل إن هذا الحزب اللعنة كان سبباً رئيساً وراء حرب إسرائيل على لبنان. والمكتبة العربية والعالمية زاخرة بالكتب التي تقول وتقول وتؤرخ عن روعة لبنان وأهميته في عالمنا العربي، كمحطة إشعاع قبل وجود هذا الحزب الذي بات في الجسد اللبناني كمرض خبيث لا ينفع فيه إلا الاستئصال. كل المليارات التي خسرها لبنان خلال العقود الماضية كان خلفها هذا الحزب الخبيث والكاره للآخر. وكفانا تبجحاً ومكابرة وأملاً في تغيير في موقف هذا «الحزب الإيراني» في لبنان والذي ينفذ أجندة أهل فارس معتبراً نفسه خير حارس للبنان. والعكس صحيح. يقول ذلك كل محب للبنان وصريح!