أ.د.عثمان بن صالح العامر
شخصياً يعجبني الشخص الذي له رؤية وعنده فلسفته الخاصة التي يجهر بها ويدافع عنها ويبرهن على صحتها ويدلل على صلاحيتها الزمانية والمكانية وعدم تعارضها مع منطلقاتنا الشرعية وعاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية، أقول يعجبني هذا النوع من الشخصيات حتى ولو اختلفت معه في التفاصيل والنتائج، على الأقل لديه استقلالية في النظرة وعنده الثقة بصحة المنهج وسلامة الطريق ونبل الهدف، ومن بين الأشخاص الذين تشرفت اللقاء بهم والاستماع إليهم وهم يقدمون تصورهم الشخصي وفلسفتهم الذاتية الأخ طلال بن منسي الذي أكرمنا بدعوة متميزة على يخته العامر مع فريق من الجامعات السعودية بعد اجتماع مثمر في رحاب الجامعة الأم جامعة المؤسس الملك عبد العزيز بجدة.
لقد ربط ابن منسي بين المتعة والهواية والوظيفة، وخطأ من يظن أن الرصيد المادي كلما زاد سيجلب لصاحبه في المستقبل السعادة التي يؤملها إذ أن لكل سن وزمن لذته ومتعته ونشوته ومتى مضت هذه الفترة من العمر فلن ينفع ما تدخره لما بعد ذلك من السنوات، والأشد والأنكى أن تموت وأنت في بحر الأماني المستقبلية غارق، ولم تحقق لنفسك ولو شيئاً يسيراً مما تؤمله سواء دنيوي أو عمل أخروي تجده في حياتك الحقيقية محفوظاً عند الله لا يضيع.
لابن منسي فلسفته السياحية البحرية، فهو وإن كان في أول عمره ابن للصحراء وعاشق لها إلا أنه وجد في أبحر جدة بغيته منذ أكثر من ثلاثين عاما، وهو اليوم يراهن على السياحة البحرية في المملكة العربية السعودية، ويعتبرها سياحة واعدة وستجد رواجاً في المستقبل القريب بعد أن جرب السعوديون كثيرا من أنواع السياحات الداخلية والخارجية، وعادوا يبحثون عن الجديد في عالم السياحة الجاذبة والمثيرة، وسبب هذه الثقة القوية بمستقبل متميز بهذا النوع من الترفيه كما ذكر ابن منسي:
* إنها سياحة تعد أقل خطورة وأكثر أمان وأقل تكاليف و... من غيرها خاصة في عالمنا المعاصر.
* إن البحر عالم مليء بالعجائب التي لا تنقضي، وأبحر جدة متميزة بكل ما تعنيه الكلمة في هذا الباب.
* إن السياحة البحرية سياحة ممتعة وشيقة ولها أنواع متعددة الكثير منها لم يعرف بعد من قبل شريحة عريضة من السعوديين .
* إنه تمنح للعائلة السعودية الاستقلالية التي تنشدها كثير من الأسر، ولذلك بدأت بعض العوائل المعتبرة تقيم حفلات زواج البنات والأبناء على متن اليخت ويدعى لهذه المناسبة المختصرة عدد محدود جداً، مع أن لدى هذه العوائل القدرة على جعل الزواج في أفخم القاعات بل نقله إلى أي بلد أوروبي أو ولاية أمريكية.
* إن من ركب البحر عشقه، والمواطن السعودي متى خاض هذه التجربة مرة ومرتين وثلاث وتدرب على الرياضات البحرية على أيدي خبراء معروفين فسيكون من أهل البحر يوماً ما، ولذلك لم يستبعد ابن منسي أن يكون لكل مواطن سعودي قي القريب المنظور وحدة بحرية صغرية كانت هذه الوحدة أو كبيرة.
شكراً للبحارة سعادة الأستاذ طلال بن منسي على هذه المناسبة الكريمة التي شرفنا فيها نحن ضيوف جامعة الملك عبد العزيز، ورائع كل من يملك لنفسه رؤية ويراوده مشروع ما يخطط له ويتفاءل بتحققه على يديه كما هو حال مستضيفنا في ذلك المساء البدري الأكثر من رائع، إذ أنه ذكر في ثنايا حديثه إلى أنه يعمل ما في وسعه لإيجاد سياحة بحرية ذات صبغة سعودية تختلف عمّا هو في بلاد العالم الخارجي ولا تتماثل مع سياحة النيل المصرية ذات الطابع الشعبي الذي صار مصدر جذب للسائح الأجنبي أكثر منه للعربي، دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود والسلام.