أ.د.عثمان بن صالح العامر
من المجزوم به أنّ المملكة العربية السعودية تواجه سيلاً من التحديات الداخلية والخارجية السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية، ولذا فهي تخوض معارك حقيقية عسكرية ودبلوماسية، اقتصادية وتنموية، فكرية وعقدية، ثقافية وإعلامية، وكانت المراهنة قوية حيال قدرة السعودية على الاستمرار في كل ما من شأنه تحقيق التوازن التنموي - الذي ينعكس إيجاباً على رفاهية المواطن وسلامة الوطن - في ظل هذا الكم والنوع من التحديات المعاصرة التي تحيط بنا من كل اتجاه.
إنّ التركيز على التعليم والصحة في ميزانية 2017، والحرص على خفض الدَّين العام، وتحقيق تقدم ملحوظ في تنوع مصادر الدخل الوطني يعطي دلالة واضحة على ما توليه القيادة الرشيدة من اهتمام ورعاية للفرد السعودي، في ظل رؤية استراتيجية تتخذ من التخطيط المدروس عنواناً لها، ويبقى المحك الفعلي الصرف الحقيقي.
إنّ الأرقام التي أقرّها المقام السامي الكريم وأعلنت نهاية الأسبوع الماضي مهمة جداً، وتعكس متانة الاقتصاد السعودي ونضج المخطط الاستراتيجي، ولكن ما هو أهم هو تحويل هذه الأرقام إلى منتج تنموي يحقق عدالة التوزيع، ومواصلة المنجز الحضاري لهذا الوطن المعطاء، وتقليم أظافر الفساد، وهذا يتطلب في نظري:
- إعادة الثقة بالمقاول السعودي، ومد جسور التواصل معه لإكمال مشاريعنا المفصلية التي توقفت في الفترة الماضية لسبب أو لآخر، فتشوهت مدننا وصعُبت حركتنا في شوارع رئيسة كنا ننتظر جاهزيتها على أحر من الجمر.
- ترتيب القطاعات التنموية لأولوياتها بكل دقة ووضوح، والعمل على سرعة إنجازها تحقيقاً لرؤية المملكة 2030، ولعلّي من باب المشاركة في المنحى الذي جزماً أنه اليوم سيخضع للدراسة والتمحيص، أؤكد ما سبق وأن أشرت إليه هنا من أهمية الالتفات إلى المستشفيات الجامعية التي تجمع بين «التعليمي» و»الصحي» أهم قطاعين تنمويين في الميزانية بعد القطاع الأمني طبعاً.
- إكمال البنية التحتية للجامعات الناشئة التي تحتضن شريحة عريضة من شباب وفتيات الوطن، وكلياتهم ما زالت في مرحلة التشييد والبناء، ويتطلعون إلى أن يتحقق في ميزانية هذا العام اكتمال هذه الصروح العلمية التي تحظى بالعناية والاهتمام من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد الأمين، وولي ولي العهد وأصحاب المعالي الوزراء أصحاب الشأن - حفظهم الله ورعاهم -.
لقد حققت الرؤية في عامها الأول نجاحاً أشاد به الجميع، وبدأ المواطن يعي جيداً ما قاله مهندسها ومبدعها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، من أنّ الخطورة لو لم نتبنّ الرؤية التي تسعى في النهاية إلى تنوع مصادر الدخل الوطني، ولكن ما زال التحدي في المراحل القادمة قائماً، وسيظل حتى 2030، ونحن بإذن الله لها. دمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.