أ.د.عثمان بن صالح العامر
الرجال في تعاملهم مع التاريخ خمسة:
* قوم لا يقرؤون التاريخ ولا يعتبرون بأحداثه، فهم يظنون أن بمقدورهم الانفصال عن سننه والتعامل مع أحداثه المعاشة بعقليتهم الخاصة، دون أخذ الدروس من الماضي.
* وآخرون يقفون عند حدود ماضيهم، يفخرون ويفاخرون ويتلذذون بسرد الحكايات والقصص التي خلدها لهم الآباء والأجداد .
* وصنف ثالث يجيد فن قراءة التاريخ وتوظيفه في سياسة الحاضر دون أن يتجاوز ذلك لما هو أهم، ألا وهو المستقبل.
* أما الرابع فيفضل من سبقه بأنه يسبر صفحات التاريخ ليعالج حاضره ويستشرف مستقبله، فأحداث التاريخ وإن كانت لا تتكرر، فإنها تتماثل وتتشابه، والسنن في الماضي والحاضر والمستقبل واحدة.
* والصنف الخامس من الرجال هو من كان في شخصه صانعاً للتاريخ ومؤرخاً بامتياز، فبعد أن يقرأ ويحلل ويفند ويستنتج ويوظف في الحاضر ومن أجل المستقبل، يبدع في نسج صفحات جديدة تجبر المؤرخين على الوقوف عندها والتأمل فيها، وإعادة قراءة سنن التاريخ على ضوء معطياتها وفِي ظل أحداثها ومنجزاتها.
وخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه - هو هذا الرجل المؤرخ والصانع للجديد في صفحات تاريخنا المجيد.
لقد أدرك رعاه الله:
* أنّ الإنجاز لا يقاس بالزمن، فكلُّ في سباق مع الأيام بل الساعات، وتحقق له جراء هذا الفهم العميق - بفضل الله ومنِّه - في عامين ما لم يتحقق لغيره في سنوات.
* وأن الحزم سلاح مضاء، ومن الواجب إشهاره في وجه الأعداء، فكانت عاصفة الحزم ومن بعدها كانت بارقة إعادة الأمل.
* وأن الأخوة الإسلامية والأخلاق الإنسانية توجب علينا في هذه البلاد المباركة المعطاء المملكة العربية السعودية، أن نمد يد العون والمساعدة للمحتاج وذي العوز والفقراء، فكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي كان له حضوره الفعّال في أرض اليمن الشقيق، وهو اليوم يدير الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب السوري، التي دشنها خادم الحرمين الشريفين منتصف الأسبوع الماضي بـ 20 مليون ريالٍ سعودي.
* وأن الظروف الاقتصادية العالمية تفرض علينا أخذ التدابير الوقائية والخطوات الاحترازية، وتوجب علينا التطوير الإداري والمجتمعي والتنموي، فكانت رؤية 2030 التي صفّق لها كل منصف محايد، فضلاً عن المحب الصادق .
* وأنّ ... وأنّ ... وأنّ .
إنّ التاريخ سيقف طويلاً عند منجزات سلمان بن عبد العزيز السياسية والإدارية والتنموية والاقتصادية، التي تختلف ظروف ميلادها وتحقق وجودها عما سبق من عهود مباركة ميمونة في الكم والنوع، فنحن نعايش تحديات عالمية كادت أن تعصف بِنَا وتقضي على مقدرات بلادنا، وما زالت تهدد أمننا وتراهن على وجودنا.
لقد استطاع أبو فهد - أدامه الله وحفظه ونصره - في عامين أن يغير موازين القوى، ويوقف مشاريع « الفوضى الخلاّقة في المنطقة «، ويشكل صورة ذهنية إيجابية عن بلادي المملكة العربية السعودية داخل أروقة نادي الكبار ولدى شعوب العالم الأول ، ولَم يكن لهذا أو ذاك أن يتحقق لولا توفيق الله - عزّ وجلّ - ثم قوة وحزم وكياسة وفطنة وحنكة وحكمة سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد - حفظهم الله ورعاهم - .
إنني اليوم - وأنا أشهد ذكرى البيعة المباركة - أجدد ما عاهدت الله عليه من قبل بأن أسمع وأطيع في المنشط والمكره والعسر واليسر، وألاّ أنازع الأمر أهله، سائلاً المولى - عزّ وجلّ - أن يحفظ قادتنا وولاة أمرنا، وأن يديم عزّنا ويبقي سؤددنا، ويخزي عدونا وينصر جندنا، ويجمع كلمتنا ويوحد صفنا، ويبسط أمننا وييسر أمورنا، ودمت لنا أيها الرمز الفذ سلمان الحزم والعزم والعز، وإلى لقاء والسلام.