علي عبدالله المفضي
نعلم جميعاً ما لقوة الحفظ من اهمية قصوى لجميع الناس وفي جميع شؤون حياتهم، ولم يتميز الرواة عمن سواهم إلا بالحفظ؛ لما له من أثر بالغ يجعل حديث صاحبه حين يعرف عنه الصدق والأمانة بالنقل في مقدمة المتحدثين والاعتماد على روايته ونقله او الدفاع عنها إذا لزم الأمر، ولان الحفظ بالاضافة الى انه ملكة وموهبة فان للتمرين والمراجعة اثر بالغ في قوته وبقائه.
وكم كان عدم الحفظ أو ضعفه مثبطاً لكثير من الشعراء وعائقاً عن المشاركة في كثير من المناسبات الخاصة والعامة، مع ما له من أثر سلبي على حضور الشاعر أو الراوي في المجالس والمحافل، فالقراءة من ورقة أو النسيان عائق سيئ من عوائق وصول القصيدة أو القصة بشكل تلقائي سلس وضعف تأثيرها على السامع أو المشاهد.
وللحفظ صور عجيبة حفظها التاريخ ودوَّنها الكتّاب، وعُدّ الحفظة في منزلة عليا من المجتمع في زمن لم تكن الكتابة والتدوين في متناول الجميع، حيث كان الاعتماد الوحيد لحفظ حقوق الناس ودينهم وتاريخهم ذاكرة المتميز منهم بقوة حفظه، ولم تزل له منزلة لدى عامة الناس، وسيصاب من يبحث في هذا الجانب بالدهشة من قوة ذاكرة بعض الحفظة كمن روي انه يضع يده اثناء القراءة على الصفحة التي لا يريد حفظها، أو من يحفظ القصة أو القصيدة كاملة لمجرد سماعه لها لمرة واحدة.
وبرغم تعدد وسائل الحفظ كالكتابة والتسجيل الصوتي والمرئي وما لها من اهمية بالغة فإن النسيان أو ضعف الذكرة مدعاة لضياع الكثير من الحقوق والاشياء الواجب حفظها على المستوى الفردي والجماعي.
وقفة - للامام الشافعي:
شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور
ونور الله لا يؤتى لعاصي