علي عبدالله المفضي
حينما نفتش في أوراق الشعراء أو يتاح لنا حضور أمسياتهم أو مجالسهم أو ما يروى عنهم أو ما يُتداول من قصائدهم فقليلاً ما نصادف من لديه القدرة على التفوّق والإدهاش والإقناع في كل غرض يطرقه وأن مستوى قصائده أن لم يكن متساوياً فهو متقارب، إذ تجده مبدعاً رائعاً متى وأنى كتب.
وفي الشعر كما في أي عمل إبداعي آخر كالقصة والرسم والموسيقى تتفاوت المواهب والقدرات بين القوة والضعف وقد يبرز مبدع في غرض دون آخر ويبدع فيه ويخفق في ما سواه أو لا يكون بدرجة إبداعه في الأغراض الأخرى، وكثيراً ما نرى من الشعراء من يجيد الكتابة في غرض دون غيره كالحماس أو الغزل أو الحكمة ويعتقد من يقرأ له أن ذلك ضعفاً منه.
والحقيقة أن الشاعر إذا أجاد وأبدع في غرض واحد خير له من الكتابة في جميع الأغراض بلا تميز، والشاعر المحظوظ من يكتشف مبكراً ميله وإجادته وإبداعه في أي غرض ويختصر على نفسه عناء البحث والتجريب الذي قد يوصله إلى ما يتمنى ولكن بعد زمن طويل من العناء والمحاولة.
وقفة لـ عمرو بن معد يكرب:
إذا لم تستطع شيئاً فدعه
وجاوزهُ إلى ما تستطيعُ