أمل بنت فهد
الرسالة إن لم تكن ضمن العمل هدفاً أول.. سواء كانت واحدة وتُطرق عميقاً في قلبه.. أو عدة رسائل تمر سراعاً وتحرك المياه الراكدة.. فإن العمل مجرد عبث محض.. والأهم أنه خالٍ من احترام عقلية المتلقي.. قارئ كان أم مشاهد أو مستمع.. فإن أول إنذار الفشل مصدره استغفال الجمهور وتسطيح ذائقته.
وأجمل الرسائل صدمة الجمهور.. صدمة تُعيد له نبضاً.. أو تمسح عن عقله زيفاً.. أو تلفت انتباهه لأمر تحت الظل وتجره جراً لمسقط الضوء.
وبرنامج الصدمة أكثر مجرد صدمة.. يستحق وقفة نستعرض فيها أبعاده.. بالطبع الفكرة ليست بجديدة عالمياً.. لكن أظنها جديدة عربياً.. ويمكن تصنيفها ضمن الفن الراقي الذي يحترم جمهوره.. بل أكثر من احترام.. سأعرج سريعاً على بعض النقاط التي تجعل برنامج الصدمة مختلفاً تماماً.
1/ برنامج عربي ليس خاصاً بأحد دون أحد.. بل يؤكد أن الهم واحد والملفات المتورمة متشابهة.. تعددية المناطق فكرة تجاوزت الذكاء إلى مساحة المعالجة التلقائية.. فالأثر الذي تركه رد الفعل على التصرفات اللا إنسانية أكبر من مجرد تذكير ووعظ ينتهي بنهاية الخطاب أياً كان نوعه.. بل ضخت في الآخر جرأة الدفاع.. وفضيلة النصرة.. والتفاعل الفوري دون تردد.
2/ كثيراً ما ترددت جملة أن برنامج الصدمة يثبت أن الدنيا بخير.. وهنا تحديداً منطقة عميقة.. تشرح كيف أن الإعلام بشكل عام بالغ في زرع الخوف في المتلقي.. وتركه تحت وطأة التشاؤم.. إعلام سحق همتنا بكل صراحة.. إعلام أشبه ما يكون بحفار القبور.. مع أن الخير باقٍ ما بقي الشر.. لو فهم الإعلام العربي أن الخير يُنشر والشر يعالج.. لكان المحتوى مختلفاً.. المهم أن برنامج الصدمة وقف بوجه المد الهائل للأحزان.. واستطاع أن يمنح المشاهد جواز مرور ونظر إلى الجانب الأجمل في الإنسان العربي.
3/ الجزء الخاص من البرنامج الذي عُرض بالعراق الحبيب.. لا أبالغ إن وصفته بالجزء الحنون من البرنامج الذي طمئننا ولو قليلاً الوضع هناك.. فكثير من التعليقات تثبت أن الجانب المضيء في العراق كان مخفيا عنا.. كأن الدمار اجتاح عراقنا كلها.
4/ تركيز البرنامج على التلقائية.. وكذلك لغة الجسد والعيون التي تفوقت بها الشاشة التركية وأبدعت فيها.. والذي قابله الجمهور العربي بتفاعل وتقبل واضح.. يرصد لنا حرفياً ما نحتاجه في الأعمال القادمة.
ولأن نجاح العمل يقع على عاتق فريق بأكمله.. فشكراً لكل من شارك بصنع وتقديم برنامج الصدمة.. وشكراً أكثر خصوصية للمخرج أوس الشرقي.. فالمخرج من يجمع القطع المتناثرة للعمل ويقدمها لوحة قد تصعد بالعمل أو تنسفه..
وسؤال أخير هو أقرب للتمني.. هل سنرى الجزء الخاص بسوريا الجريحة في أجزاء قادمة من الصدمة.. لتكون صدمتنا كاملة.