أمل بنت فهد
للمناسبات في كل الشعوب ثقافات تميزها وتمنحها لونا مختلفا.. قد يكون لوناً أخاذا ويحكي عن المناسبة وتاريخها ومكانتها.. كلٌ بحسب فهمه لماهية التميز والتمييز.. وقد تكون بلا لون ولا طعم.. أو فوضوية لا تعرف لها بداية أو نهاية.
ولنا في شهر رمضان قصة ليس لها رواية محكمة.. هي تروى كل مرة بنفس الخطوات.. دون وعي.. دون هدف.. دون سبب.
لا أتحدث عن المكانة الروحانية.. ولا التعبد.. ولا الأجر ولا العقاب.. ولا ليلة القدر.. تلك الأمور ملم بها وكل مسلم يلتزم بها .. ولا تزال وستبقى كذلك.. حديثنا عن أمر آخر.. عن أبعاد الثقافة الرمضانية الأخرى وما يتبعها من تساؤلات..
على سبيل المثال لا الحصر.. شعار التسوق وجمع البضائع وتكديسها في المنازل كأنهم في زمن حرب سيتبعه جوع.. كأن البضائع ستهرب.. أو تُسرق.. لماذا هذا الإحساس بالضرورة والاحتياج لتعبئة البيوت دون تفكير؟
كيف نشأت هذه الثقافة.. وكيف استطاع التجار أن يقنعوا المتسوق أن يأخذ أكثر مما يحتاجه.. ولو كنا في شهر آخر.. لكان للاقتصاد والإنفاق قصة أخرى.. لماذا يغيب الحس الاقتصادي ومن غيبه؟
الأكل هو الأكل.. وحجم المعدة نفسه لا يتغير.. والأشخاص نفسهم في ذات المنزل الذي كان يُعد فيه ثلاث وجبات.. كيف حُصرت بعض السلع في رمضان دون غيره.. لتكون فرصة لانتفاخ جيوب تجارها؟
تتكرر جملة مصاريف رمضان.. يا حبيبي يا رمضان كم وكم ظلمت بتهمة الهدر المادي وأنت منه براء.
حتى التكافل الاجتماعي يكون بأقصى قوته في رمضان.. فجأة يستيقظ الكريم النائم..!
ربما نحن نرزح تحت ضغط فكرة الأجر المضاعف.. كأن العطاء محصور في الزمن وليس النية.. إنها حسبة فوضوية.. تعني الإشباع في زمن.. والجوع في زمن آخر.
أما نهاية رمضان فهي كارثة أخرى تصب في صالح التجار أيضاً.. هوس التسوق لتكون كل قطعة جديدة في العيد.. لماذا؟
هل تظن أنك ستكون فعلاً إنسان آخر مثلاً.. وما هي هذه الفكرة القهرية وكيف تكونت.. ولمصلحة من؟
الازدحام المجنون على المشاغل النسائية.. والأسواق.. سؤال بسيط يا سادة.. لماذا؟ من أجل ماذا؟ وبأمر من؟ وأين المتعة في ذلك؟
هذا السباق المحموم لا بد أن نعرف له سبباً وجيهاً.. أو تبرير منطقي.. أو شبه منطقي.. حتى الفرح لابد أن يكون فرحاً حقيقياً.. نابع من رغبة صادقة.. وليس مجرد قشور وأفعال نكررها دون وعي.. لمجرد أن ألفناها وتعودنا عليها.
لسبب بسيط لكنه مؤلم.. لأن الأمور إن لم تُفعل بأصول وأسباب واضحة.. تندثر مع الأجيال القادمة وتفقد أهميتها.. لأن العبث غالباً ينتهي ويتلاشى.