أمل بنت فهد
يحدث أن تكون طريدة.. ويحدث أن تكون فريسة.. ويحدث أن تُستغل على نحو قاسٍ.. ويحدث أن تغفو بك الأحلام على صخرة هشة.. سرعان ما تتحطم وتدفنك تحت أنقاضها.. كل ذلك من حقك أيها الطيب.. وفاتورة تسددها لتتعلم.. ودين تقضيه لتنزع عن كاهلك عبء الطهارة.. وفداحة التعامل بحسن نية.. لأنك إنسان والخطأ من حقك لتدخل مدارس الأوباش وتتخرج منها بقلب شجاع.. تلك ميزة الصدفة عندما ترميك على طريق اللصوص.. لصوص القلوب.. لصوص المصالح.. لصوص المال.. لصوص الشهرة.. لصوص حظك الذي يقلق الحساد.
المهم حينها وأنت ترفع سوط جلد الذات.. وتلوم نفسك التي غفلت.. وعقلك الذي وقف متفرجاً عليك وأنت تتهاوى.. اقبل الهزيمة بعز وشرف.. ارفع رأسك وابكي بهامة لا تعرف الانحناء.. خذ من ألم السياط درس الفضيلة.. فضيلة التعامل بصدق.. فضيلة البقاء على ذات النبل.. لن تنتقم.. ولن ترد الصفعات.. بل ستأخذ نصيبك من الألم بيدك.. ستقيم حد الطيبة على نفسك.. ستكون المتهم والقاضي والجلاد.. وينتهي بك الأمر حاكماً ومتحكماً على أمرك ولست أسير غدر أو خيانة.
ستقوم من جديد.. وأنت تنزف.. لا وقت تلعق فيه جراحك.. لا وقت للندم.. لا وقت لتعداد خسائرك.. فمن خسر طيبة قلبك وصدقك.. أحق بأن يحزن ويندم ويموت قهراً.
أيها الموجوع أتعرف ما الذي حدث؟
إنها قصة قديمة ستبقى ما بقي الخير والشر.. الصدق والكذب.. الكد والكسل.. الذكاء والغباء.. الجمال والبشاعة.. الأمانة والخيانة.. المهنية والتلاعب.. هي قضية التضاد التي تسحقنا ليل نهار.. وتخرجنا لأحدهما.. لا خيار ثالث.. فإما أن تكون أبيضاً أو أسوداً.. إنها معركة الرمادي ليحدد مصيره.. معركة أبدية وباقية.. خاصة بالإنسان فقط.. وأنت في المعترك ستحدد لونك.. سوف تستغل.. وربما تلوي ذراعك.. تحمل كل ذلك سيمضي.. وستبقى الندب شاهدة على أصالتك.. وستذكرك بالشر الذي لا ينام.. ولا يتراجع.. ولا يمل.. يتربص بك مثله مثل الخير أيضاً.. كلاهما يتقاتل عليك ليأخذك إلى صفه.. وإن كنت لا تنسى المعروف.. فلا تنسى الصفعات التي سُددت لوجهك على حين طيبة منك.. تذكر كيف بدأت وممن أخذتها.. وكيف غفلت عنها.. هكذا تؤخذ الدروس.. وهكذا تخرج من مختبر البشر بمناعة مضاعفة.. ستكون قفزاتك عن الألم أكبر.. ستكون قدرتك على التحمل أقوى.. سيأتي الوقت الذي تميزهم فيه من أول وهلة.. وتلك ميزة ليست للجميع.. هي فقط لمن علم الشر وعرف مخابره والتواءه.
نعم كنت أحمقاً.. كنت غبياً.. كنت ساذجاً.. وهو حقك الذي لا ينازعك عليه أحد.. لأنه دور يمر به كل البشر.. الفرق في عدد مرات المرور.. فحاول أن لا تعيدها.. ولا تغرق بحزنك وتنسى أن تتعلم كيف ومتى ولماذا مررت بالجحيم.