أمل بنت فهد
قد تكون اللحظة التي تكتشف فيها بأنك خُدعت أقسى مواجهة تعيشها مع نفسك.. وترفع فيها سياط الندم وتجلد بها عقلك.. كأنما تعاقبه على غفلته أو سلبيته عندما لزم الصمت أمام تعثرك ولم ينبهك.. ويحرقك السؤال الذي يهز اعتزازك بنفسك.. كيف ولماذا ومتى.. وتبقى تغلي غضباً وتبحث عن سبب أو شماعة تحملها المسئولية.
حقاً كيف تُخدع؟.. وفي أي أمر يمكن أن «يُضحك عليك»!.. وهل نتشابه في معركة الخداع التي ندخلها دون سلاح.. دون جاهزية.. على أمل الانتصار.. بل تخوضها معصوب البصر والبصيرة ولا تعلم أنها معركة حتى تخسر.. أما النتيجة فهي واحدة.. ندم وتراجع الثقة بالنفس وغضب.
الخداع لا يكون في منطقة الشك.. بل في عمق الثقة والتأكد.. بمعنى أن تكون متأكداً جداً.. وتفقد السمع بينك وبين حدسك.. وإن بدا منه صوت فأنت لا تستبينه.. بل ربما تخالفه وتكابر وتتهمه.. نعم تتهم فضيلة الشك التي تبقيك في منطقة الأمان إلى أن تصل للإثبات.. لكن ما لذي يرغمك على المضي في أمر لم تكتمل فيه الأدلة والبراهين.. قد يمنيك بخسارة مادية أو معنوية.. قد يصيبك في مقتل.. قد يغيرك للأبد..قد يدمرك!
ولأن السؤال الصحيح هو أقصر طريق لوصل النقاط المبهمة.. وعندما نقول: إنه صحيح فهو يغرس بحدة في قلب الحدث والحقيقة.. مؤلم وصارم.. وليس مجرد استشراف لثرثرة لن تخرج عن رثاء الذات أو تكرار أحداث القصة دون نتيجة.
لذا فالسؤال الأهم أين تُخدع؟ لأنك إن فهمت الكيفية أمكنك التوقف قبل الانزلاق ولو بخطوة تمكنك تفادي السقوط.
الأمور التي تخدر يقظتك.. هي التي تدغدغ أحلامك.. وتلمس رغباتك الظاهرة والعميقة.. بعضها يمكن أن يشترك فيها أغلب البشر.. وبعضها خاص بك وغالباً لا يعرفها عنك إلا المقربون منك إلا في حال كنت وكالة أنباء تذيع أسرارها أينما احتلت منبراً.
من رغباتك وأحلامك تُخدع.. تؤخذ على حين غفلة.. والنصابون يعرفون ذلك جيداً.. لذا يستخدمونها كطعم لسحبك إلى الشباك والفخ.. لأنها تعتبر من نقاط ضعفك وقوتك في ذات الوقت.. قوة إذا استطعت تحقيقها وإشباعها.. وضعف إذا استخدمها محتال للوصول إلى أهدافه.
فاعرف أحلامك ورغباتك.. اعرفها صدقاً واعترف بها.. وابحث بيدك عن تحقيقها.. وإذا أتاك من يزعم القدرة على تحقيقها.. فاستيقظ.. فهو إما صديق صدوق أو عدو مخادع.. وعليك أنت أن تفرق بينهما.. بالسؤال الأكثر حدة.. ماذا يريد مني فعلاً.. فالعلاقات مبنية على المصالح.. نبيلة كانت أم وضيعة.. كريمة أم لئيمة.. لا تنخدع بأحلام العصافير والأطفال.. فكل إنسان حولك ومعك يريد منك شيئاً.