يوسف المحيميد
كلما أحكمت الرقابة على السلع التجارية في أي بلد، ازدادت فنون الاحتيال والغش، واستبسل التجار في ابتكار أذكى طرق الالتفاف التي يصعب التنبه لها، وتزداد هذه الخطط وتتجدد في مواسم البيع المرتفع، كشهر رمضان المبارك، الذي تظهر فيه السلع المنتهية الصلاحية، أو التي على وشك الانتهاء، والتي تم تخزينها بطريقة غير سليمة، بالذات السلع الغذائية الموسمية!
ومن أكثر طرق التحايل والتغرير بالمستهلك، عدم الإفصاح عن سعر السلعة، بعدم وضع بطاقة السعر عليها، وهو ما تعتبره وزارة التجارة والاستثمار مخالفة تستحق العقوبة، وقد قطعت الوزارة - مشكورة - شوطاً طويلاً في ذلك، أغلقت على أثره محال كبرى، حيث طبقت القانون بدقة على الجميع، دون مجاملة الشركات ومراكز الهايبرماركت الكبرى على حساب المحال الصغيرة المنتشرة.
وقد يصعب على المستهلك اكتشاف أكثر الحيل ذكاءً، وهي اختلاف سعر السلعة تبعاً للبطاقة، عنه في (الباركود) الذي يظهر على شاشة الآلة عند الكاشير، خاصة عند حساب مجموعة مشتريات، بفاتورة طويلة جدًا، فتمر مثل هذه المخالفات التجارية دون كشفها في الغالب، لكنها حتماً مخالفة قانونية، وغش تجاري صريح يستحق إيقاع أقصى درجات العقوبة على مرتكبيها.
إن جميع هذه الحيل وأساليب الغش المبتكرة، التي يتفنن فيها التجار، خاصة مع الشراء المحموم في بدايات الشهر الفضيل، لن يتم اكتشافها من قبل الفرق الميدانية التابعة لوزارة التجارة والاستثمار، التي تقوم بجولات استباقية، ما لم يدعمها الرقيب الأول على السوق، وهو أنت عزيزي المواطن، فما لم تكن مبادرًا، وطنياً، مخلصًا، محافظاً على حقوقك، وحقوق أفراد مجتمعك، لن تستطع الوزارة بفرقها الميدانية متابعة مئات الآلاف من المحال المختصة في تجارة الأغذية، فلن يراقب على جودة السلع الغذائية، وصلاحيتها، وأسعارها، سواك أيها القارئ.
لو كنا نتعامل على أساس أن الإبلاغ عن الغش، واجب تفرضه المواطنة، ويحتمه علينا واجب الدفاع عن حقوقنا، وأن التغاضي عن المخالفات بسبب التكاسل أو عدم الاكتراث، هو خيانة فعلية لهذه المواطنة، فسنكون حتماً درعاً حصيناً تعتمد على وزارة التجارة والاستثمار، بل يعتمد عليه الوطن بأكمله!
عليك أن تتأكد، بأن التبرع بخمس دقائق من وقتك الثمين، بمكالمة الرقم المجاني الخاص والإبلاغ عن المخالفات التي تكتشفها، سيحمي الآلاف من المواطنين والمقيمين، فلا تبخل على نفسك وغيرك هذا الدور الإنساني النبيل.
في الختام، أبارك لكم أحبتي بهذا الشهر المبارك، وكل عام وأنتم بخير.