يوسف المحيميد
كتب الشيخ محمد بن راشد، أنه وعد طلاب الإمارات بتوزيع شهادات شكر شخصية منه، وبتوقيعه، لمن يتم قراءة خمسين كتاباً ضمن مشروع تحديد القراءة، وبالفعل أتم خمسون ألفاً منهم التحدي، وبدأ الشيخ بتوقيعها وتوزيع أول دفعة منها بنفسه، ثم سيتم إرسال الشهادة لكل واحد منهم في مدرسته، في هذا المشروع البسيط فكرة، الكبير منجزاً، تم استقطاب نحو 160 ألف طالب من الإمارات في تحدي القراءة، وقرأوا خمسة ملايين كتاب في عام واحد.
يقول الشيخ محمد بن راشد في نهاية رسالته للإماراتيين: عندما يقرأ أبناؤنا خمسة ملايين كتاب في عام، فالقادم أجمل وأفضل في دولة الإمارات بإذن الله، لدينا حلم بتخريج أجيال مثقفة واعية متسامحة وقادرة على صنع مستقبل مختلف، ونصيحتي لكل معلم ومرب ومسؤول في مدارسنا بأن لا يتخلّوا عن هذا الحلم!
لدينا في المملكة، في مكتبة الملك عبدالعزيز مشروع طموح، تحت مسمى تجديد الصِّلة بالكتاب، يعمل على تعزيز قيمة الكتاب وحضوره، والتحفيز على القراءة، ودعوة كبار الكتَّاب والمثقفين والأدباء لإلقاء محاضرات عن تجاربهم في القراءة، في محاولة جذب المواطنين نحو القراءة، ولم يتوقف هذا البرنامج عند هذا الحد، بل قام الشهر الماضي بتدشين مشروع المكتبة المتنقلة، وهي عربة جميلة، تقف في الحدائق العامة في الأحياء، لتوفر فرصة القراءة والاستعارة مما تحمله من كنوز معرفية وثقافية، وهي خطوة جيدة ومهمة، تحتاج إلى خطوات وأفكار جديدة وخلاَّقة.
في مصر منذ سنوات طويلة تم تدشين مشروع القراءة للجميع، ليعالج فيه المسؤولون هناك المشكلة التي تعترض الجيل الجديد من المصريين في القراءة، وهي الصعوبات المادية التي تعترض القارئ المصري، الراغب في القراءة والاطلاع، فكان هذا المشروع الذي يركّز على دعم الكتاب في النشر والتوزيع، وتوفيره بسعر زهيد، الأمر الذي أتاح لملايين المصريين فرصة قراءة أمهات الكتب في الفكر والتاريخ والتراث والأدب، بحثاً عن رفع مستوى الوعي لدى المواطن المصري.
ومن أغرب أفكار التشجيع على القراءة، ما قام به الإنجليز مؤخرًا، حينما قرَّرت الحكومة إزالة كبائن الهواتف في الشوارع، تلك الشهيرة بلونها الأحمر، فاحتج المواطنون هناك، واقترحوا أن تبقى كرمز ومظهر لمرحلة قديمة، ويستفاد منها كمكتبات عامة صغيرة، تضم بضعة كتب لمن يرغب في القراءة، وهي فكرة رائعة وذكية، أسهمت في تحقيق هدفين: الاحتفاظ بأحد أبرز مظاهر الشارع الإنجليزي، ومنحت حق القراءة للجميع وفي مواقع كثيرة جداً.
وبالطبع، هناك دول أخرى، عربية وأجنبية، تحاول أن تقدّم شيئاً مغايراً وجديداً لتحفيز مواطنيها على القراءة، لأن القراءة هي الحل الوحيد لما يعاني منه العالم العربي من تشتت وتمزّق وانهيار في منظومات الدول، واختلال الأمن في بعض هذه الدول، خاصة فيما بعد ما يسمى الربيع العربي، لأن الاهتمام بالثقافة، وطرح مشروعات التشجيع على القراءة، هي الربيع العربي الحقيقي، وهي ما ستوجه مطالب الشعوب بشكل عقلاني ومتزن، بدلاً من غوغائية الشوارع والميادين والساحات العامة.