محمد أبا الخيل
في تقرير للبنك الدولي ذكر أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المرخصة في الاقتصادات الناهضة توفر45% من الوظائف وتساهم بـ33% من إجمالي الناتج المحلي وإذا أضيف لها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة غير المرخصة فإن تلك النسب ترتفع بصورة ملحوظة، وفي تقرير آخر ذكر أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تساهم بـ53% من إجمالي الناتج المحلي في اليابان و55% في أستراليا و47% في كوريا الجنوبية ولكنها في الهند تساهم بـ6% فقط نتيجة قصور التمويل, تقرير البنك الدولي جعل التمويل هو أكبر تحديات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وجعل المملكة في نطاق الدول التي تتراوح نسبة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة غير المخدومة تمويلياَ بين (40% و50%).
عندما أرادت المملكة تنمية الصناعة السعودية أسست صندوق التنمية السعودي عام (1974) ومنذ ذلك الحين ساهم الصندوق بتمويل مشاريع صناعية بعشرات البلايين من الريالات وحققت المملكة بفضل ذلك الصندوق تنمية صناعية هائلة أصبحت من أهم موارد الاقتصاد الوطني، هذه التجربة الناجحة كان لها تحديات وإخفاقات في بدايتها ولكنها تخطت ذلك بعزيمة وأصبح صندوق التنمية الصناعية اليوم مؤسسة مركزية في تنمية وتطوير الصناعة السعودية.
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المملكة لا يتوفر لها قنوات تمويلية خاصة، ومعظم التمويل الذي تحصل عليه هو إما بقروض حسنة من الأهل والأقارب أو ديون بنسبة أرباح مجحفة توفرها بيوت التمويل غير البنكية، أما البنوك التجارية فهي لا تمول تلك المؤسسات وإذا مولتها فإنها تمولها بصيغة القروض الشخصية قصيرة المدى وتستلزم وجود ضمانات عينية أو كفالة غرمية، لذا كثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فشلت في بدايتها لانعدام التمويل أو أنها لا زالت تعاني من قصور التمويل وكثير من المبادرات لإنشاء مؤسسات صغيرة أو متوسطة أجهضت بسبب تحديات التمويل، هناك مبادرات لتمويل تلك المؤسسات مثل (كفالة) و(صندوق المئوية) ولكنها لا تفي بالحاجة وإجراءاتها طويلة وبيروقراطية لحد ما، لذا ربما أن على وزارة التجارة والاستثمار وهي الوزارة المشرفة على (هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) أن تعمل لتأسيس صندوق تمويلي لتلك المؤسسات مماثل لصندوق التنمية الصناعية، ولاشك أنه سيكون من السهل عمل ذلك بالاستفادة من خبرة وتجربة صندوق التنمية الصناعية، مثل هذا الصندوق سوف يمول إنشاء المؤسسات الجديدة ويمول مشاريع وتوسعات المؤسسات القائمة بقروض طويلة الأجل وتكون تلك القروض محدودة بمبلغ لا يزيد عن (5) ملايين مثلاً، ففي كثير من البلدان يوجد صناديق أو بنوك خاصة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مثل تايلاند وماليزيا وجنوب أفريقيا وفي بلدان أخرى تقوم البنوك التجارية بوضع أقسام فيها خاصة بتمويل تلك المؤسسات.
بهذا المقال أرفع لمعالي الدكتور ماجد القصبي مناشدة الآلاف من ذوي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالعمل على إنشاء صندوق تمويلي لهم يحررهم من عناء مكابدة الديون والعمولات الجائرة ويجعلهم في وضع أفضل ليصرفوا جهودهم في تنمية أعمالهم وتحسين خدماتهم وخلق مزيد من الوظائف ومساهمة أكبر في الاقتصاد الوطني، فاليوم لدينا مئات بل آلاف الشباب الطموح لتأسيس أعمال إبداعية ومنتجة وما يمنعهم من ذلك سوى قصور التمويل، لذا أجد هذه المناشدة هي مناشدة وطن، وفق الله معالي الوزير لخدمة الدين والملك والوطن.