أمل بنت فهد
بعد جهد جهيد.. ومراجعة وحذف وإضافة.. تُرفع الأقلام.. وتُعلن القرارات.. ويكشف الستار عن العقليات.. والعواطف أيضاً.. ما بين مؤمن ومشكك.. وحكيم وساذج.. باختصار ردود الفعل تجاه قرارتك عندما تكون مسؤولاً تمنحك فرصة لا تتكرر بظروفها.. تمنحك رؤية واضحة لما يقبع خلف الأقنعة.. لأنها تسقط لوهلة.. وتكشف الوجه الحقيقي.. لكنها سرعان ما تعود لمكانها وتخفي الحقيقة.. لأنها لحظة حاسمة.. وسريعة.. وخاطفة.. ومفاجئة.. وغير متوقعة. الفريق الأول وهو المهم والعاقل والمنطقي.. يعي أن النجاح غاية الجميع.. لذا هو يعلم يقيناً أنك اخترت لتصعد بنفسك وبهم نحو القمة.. فريق إن لم يؤمن بك شخصياً.. فإنه على أقل تقدير يفهم نوازع البشر.. ويدرك أنك تريد نجاحاً يأخذ كل من يمر به ويمضي إلى غايته.. لذا هو يدعمك.. بالرأي والبحث عن دوره في إنجاح القرار.. ويرسم حدود مسؤوليته ليباشر مهامه.. بعد أن يستوعب رؤية القائد.. لشعوره العميق بأنه شريك حُر وليس عبداً يطيع الأوامر.. ومن إخلاصه أن يسد أي ثغرة يمكن أن تفسد قرارك أو تعرقله.. بكل الوسائل المتاحة والراقية.
والفريق الثاني.. فريق الحيرة الذي لا يستطيع أن يصنع موقفاً ثابتاً.. تتجاذبه الأفكار.. ويسيطر عليه عادة من يملك الفم الأوسع والأكثر جدلاً ونقداً.. وليس له ضررٌ ولا نفع.. مجرد رقم في عدّاد الإحصاء البشري.
أما الفريق الثالث وهو الأخطر والأكثر إزعاجاً وضوضاء..
إما أن يكون طفولياً وثائراً دون قضية... تغريه اللاّء والرفض والاعتراض.. وتمنحه وجه التميز الذي لا يتقن غيره.. يرفض لمجرد الرفض.. ويظنها قوة.. يتساقط أمام الأسئلة.. ويتهاوى إذا طلبت منه البدائل الممكنة.. يثير زوابع لكنها لا تتعدى سحائب الصيف التي تصب صباً.. وتختفي دون أثر.. لكنه يكون خطيراً إذا تتلمذ على يد النوع الأخير.. ويصبح أداة تدمير وبلبلة.
النوع الأخير.. العدو في ثياب الصديق.. الحاقد.. المحرض.. الذي يحمل في صدره غلاً وكراهية للحياة.. عدو كل نجاح ولو أخذ نصيبه منه.. إلا أن العداء متأصل فيه.. عينه لا تفارق كرسي القيادة.. وروحه معلقة بالسلطة.. ولأنه يعرف أنها أبعد ما تكون عنه.. فإن له في إفساد الأجواء صولات وجولات.. يلوي عنق الحقيقة.. بل مستعد لكسره في سبيل تدمير الطرق المؤدية إلى نجاح قرارك.. ميكافيلي التوجه.. يمكنه أن يكذب.. ويحرف.. ويلفق.. ويستغل.. وينزل إلى المستنقع ويعوم فيه إن لزم الأمر.. المهم أن يدمر أي شيء تصل إليه يده.. ويستخدم أي وسيلة ليصل بها إلى تدمير عرش القيادة.
لذا كن يقظاً حين تعلن قراراتك.. ستعرفهم على حقيقتهم.. ستعرف أبطال الظل الأوفياء.. وتفرق بين عبث المراهقة وجدية الأعداء.