أمل بنت فهد
يـحـدث أن تترك بعض التجارب الموجعة ندباً في ذاكرتك.. تتحسسها كلما تشابهت الأحدث أمامك في تجربة جديدة.. كأنما تحذر قلبك من تكرار الألم القديم.. ويحدث أن تتأبط نتائج أفعالك وتعتبرها قاعدة لا تخرج عن أن واحدًا زائدًا واحد يساوي اثنين.. وتقرر أنها النتيجة الوحيدة المتوقعة إذا تشابهت بعض فصول القصة الجديدة.. ويحدث أن تفقد شهية المحاولة تحت وطأة المحاولات التي لم تنجح فيها وتعثرت خلالها.. بالطبع كل تلك الأوضاع هي حيلٌ مقدمة من عقلك العزيز.. بزعمه أنه يحميك من تكرار الألم.
فمن جهة تحتاج فعلاً ألا تترك له مجالك ليحلل ويقرر بناءً على التشابه الذي يخفي تحته ألف اختلاف.. ومن جهة أنت مضطر ألا تظلم الزائرين الجدد لحياتك بسبب الراحلين الذين خذلوك يوماً.. بمعنى أن تحرر حاضرك من سطوة الماضي.. أن تخرج من مجلسه إذا حاول أن يتحكم في حياتك ويقحم وثائقه وإثباته في مشاعرك.. فلا يوجد تجارب متشابهة حد التطابق.. لكن يوجد شيء اسمه معالجة الوضع والتعامل معه بذات الطريقة في كل مرة.. وهنا المطب الذي يقع فيه أغلب المعتقلين في سجون ماضيهم التعيس.. في كل مرة يعيشون فيها تجربة جديدة يقبلون عليها بذات الاندفاع.. ونفس التصرفات.. ونفس الأخطاء.. وأحياناً نفس الشكل أيضاً!
كيف للنتائج أن تتغير والطريقة نفسها لم تتغير؟ ربما هي نكبة الغرور أو الجهل.
فكيف بك إن كنت أنت الزائر الجديد لأحدهم.. وأنت صاحب الرغبة في المشاركة.. لكن صاحبك يسقط عليك تهم السابقين ويشك في نواياك وصدقك؟! أليس ظلماً صريحاً لاعتقادك أنك صادق ونزيه وجدير بالثقة والمحاولة.
والأكثر ضرراً من تحمل خطايا الخائنين الذين تركوا في قلوب أحبتهم جراحا تعيقهم عن الثقة من جديد.. أن تتحول بقدرة محبطٍ إلى خائن جديد.. أو مُستغل للطيبين.. أو منتهز لفرص الثقة لتنهب المطمئنين إليك! إنها خيبة الإنسانية التي نسيت في معترك الخير والشر.. أن تتذكر قوة الخير البطيئة في إثبات نفسه.. وأن الشر غالباً يفني بعضه بعضاً وإن كبر وتعاظم.. إلا أنه فقاعة لا تحتمل الوصول إلى القمم دون أن تنفجر.
لذا كُن جريئاً واشرع صدرك للجديد.. عمل جديد.. أو شراكة جديدة.. تذكر أن التشابه خدعة لا تعني التطابق.. وتذكر أن تغير قليلاً أو حتى كثيراً من أسلوبك وطريقتك.. فأحياناً قد يحجبك عن النجاح والوصول سبب من البساطة ألا تنتبه له.. قد يكون هندامك أو طريقة حديثك.. أو هيئتك العامة.. أو عزوفك عن المشاركة.. بقدر بساطتها إلا أنها قد تعيقك دون أن تدرك.. فلا تدخل جديداً وأنت متشبث بماضيك وتنسى أن كل شيء رهين التغيير.. سواء لاحظت أم لم تلاحظ.