د. خيرية السقاف
تتكثف في مخبئها العميق الذي هو كل الأركان فيك..
تتفشى بنعومتها, وقدرتها, تنتشر بسطوتها الحميمة, وتطفح..!
نقول عنها: مشاعرَنا..
ونعجز عن وصفها..
تطفح في لحظة الخوف على وَدود مَرِض ليس بيدنا أمرٌ..
في لحظة التوجس عليه من مكروه لا نملك رده..
في لحظة ترقب رؤية غائب يعدل الذات نتوق إليه باضطراب..
المشاعر ليست عادلة معنا في لحظات أن نأمل منها أن ترحمنا من يقظتها الفاتكة..!!
إذ حتى جمالها فينا يفتك بنا, تماماً كما تفتك مضاداته ..
ففي لحظة أن تنوي السفرَ بعيداً..
الغياب عنه القريب..
وداعة خفقك في مكمن خفق الذي لا تريد فراقه..
تهجم عليك من مكنها, تفتك بكل أدوات إفصاحك:
تموج بها الدموع في محجريك, تطفو بها مسحة القلق على وجهك..
يندلق منك ورعك الطاغي باستجداء العودة إليه سرعة الصوت, والضوء, حين استحضار كل اكتشافات الآماد يختلط في مخيلتك..!
كيف إن كان هذا الودود أباك الذي في بسطة كفه عبق جنتك, وتحت ثرى قدميه ممشاها..!!
كيف إن كان أمك التي لإيماءة إصبعها مفتاح بابها, وفي حرف شفتيها أبديتك.. ؟!
كيف إن كان أخاك الذي درجت معه أولى خطواتك على الأرض,
وذقت معه طعم نبع اللبن في ثغر انفراجه,
وتلعثمت لثغة الكلام في مخارجك مع كلامه..؟!
كيف إن كان ابنك خلاصتك الثرية بنبضك, المفعمة بامتدادك..!
أو ابنتك الوفية بخزن آثارك..؟!
كيف إن, وكيف إن..؟!
هذه المشاعر فيك, والنيّة لحظة انعقادها, وحقيبة سفرك في قبضة يدك,
ووجهتك قد حددتها سطور في تذكرة تفتح فيك فوَّهة دلوها, وتنسكب كالشلال..
الفتك الذي لا تقواه, ولا تأباه ..
لكن ناموس وجودك على الأرض يأبى إلا أن يمضي بك نحواً من بشريتك, بحالاتك كلها..!!