د. خيرية السقاف
تلك اللحظة التي قالوا فيها إنكِ مريضة كانت الساعة تشير للصبح, وأنت تحدقين في القمر, لا تعبئين بالضوء..
كلُّ وميضٍ في مؤشِّر الضُّحى الذي تلا, والذي مضى, أخذ يركض معكِ في ردهات المصحة, وصوتٌ يسير خلفكِ يحدث نفسَه بأن الأرض التي تحملكِ تنتمي لغبار قدميكِ, وأن شظايا من ذَهبِ يديكِ انتصبتْ أعمدةً كثيرةً في فضاء الأيام المنفرطة تعدُّ ذاتَها عموداً عمودا, والشعاع يتمادى..!!
كلُّ خفقة شهرٍ في سنةِ من عمركِ, وأجهزة الفحص تمرر لحظاتها على أجزاءِ الحياةِ فيكِ تتبسم في وجه المرضِ تدفعه لأن يدلف بعيداً من باب خارجي بعيداً عن قصر الآمال فيكِ..
وأنا أفعل الذي تفعله الأجهزة أغوص بأمنياتي أنثرها في عروقك قطرة قطرة, وأشعل فيكِ قناديل رجائي..
جِوارك أمشي, يدي في قبضة يدك, وأنتِ تشيعين في جوفي السكينة, وتطفئين خوفي بماء يقينكِ..
فأعود إلى تلك الحجرة التي جمعتنا في مقتبل الغراس, تلتف حولنا أغصانها, وتنبسط أمامنا أفياؤها فتعود لي رائحة فاغيتها تعبِّق ممشانا في المصحة, وهي هناك في مرقدها الآمن في رحمته..
سلامتكِ, سلامتكِ وبظهر كفي المتواري عن عينيكِ أمسح دمعة طفرت..
سلامتكِ ووجهكِ البهي يَعدُّ ثواني ما بعد الوقتِ الذي التهمته ردهات المصحة..
وتأخذنا العربة خارجها, تطوي بنا الطريق بكل تفاصيله..!!