د. خيرية السقاف
توقفت في هذه المرة مع بعض حديث الرئيس الأمريكي في احتفاله تخريج دفعة من طلاب جامعة «روتغيرز» بنيويورك..
ليس لأنه كان يتحدث عن قضايا العالم المندحر تحت وطأة حروب لدولته يد خفية, وظاهرة فيها, ولا لأدوارها في مختلف تحريك متاريس عربة الواقع الاقتصادي, والعسكري, والسياسي العالمي, بل لأنه يفنّد رؤية صائبة عن واقع الولايات المتحدة داخلياً, وهو يؤكّد لمستمعيه أن ليس على الشعب الأمريكي التحسّر على الماضي لأنه لم يكن ماضياً مثالياً لبلاده, مركّزاً على ما كانت تعيشه الولايات المتحدة في عهودها المختلفة، بل ما قبل عهده القريب من التمييز العنصري, والفقر, وعدم المساواة, وأضيف إلى قوله البطالة, والتفكك الأسري, وكثير مما يعرفه المحلِّلون وذوو الاختصاص..!
إن أمريكا وإن كانت ذات بريق يخطف أنظار البشر في كل مكان بمنجزاتها المختلفة, وببلوغها درجات بعيدة في سلم التحضّر, والمدنية, وتطبيق الأنظمة التي تكفل لمواطنيها قاعدة من التعامل الضامن للفرد فيها حقه, والمتيح له حرية تحقيق منتجه, إلا أن أمريكا ذاتها بوصفها مجموعات بشرية تخضع لما يعترض المجتمع البشري من القصور, وهي تحتاج شأنها شأن هذه المجتمعات إلى التبادل المقنن, والتقارب المنضبط, والأخذ في حرية, والعطاء باحترام, وتفاعل المصالح دون جور, وموافقة السبل دون خلط..
وفي ذلك ينفي الرئيس الأمريكي أن يكون لأي جدار يضرب بينها, وبين دول على حدودها أن يكون له نتائج موجبة على بلاده «فالعالم متصل ببعضه الآن أكثر من أي زمن مضى», و»أن أي جدار لن يجدي نفعا»..
والحقيقة تؤكّد أن العالم كله على الرغم من حدوده, وقيوده, ورسومه, وخرائطه, يحتفظ بطبيعته, ونواميسه, وإن أخذ يسيح بعضه في أرض بعضه, وتداخل واقترب وامتزج, لكنه يبقى وفق قوانين تحفظ للإنسان مكانه, ودوره, وحقه, وسيادته ضمن أطر هويته, وأمشاج خصوصيته..!!
تبقى المحورية الرئيسة هي في كيفية ترتيب العلاقات, وتطبيق نظام يحترم الإنسان فيه الإنسان, دون مساس ولا تسلط, وليذهب جبابرة الأرض, العاقدون العزم على الإيغال في غاباتية حديثة إلى الجحيم..!!