د. خيرية السقاف
النساء مشغولات بالملابس وتصميمها, والبيع والشراء، والتنقّل بين الأسواق, وردهات العروض المؤقتة في الفنادق, والصالات، ومواقع الاقتناء التنافسي..
والرجال مشغولون بالتجارة من نوع آخر..
والناشئة مشغولون بجديد الأجهزة، ومختلف معطياتها..
المدارس تكتظ بالتجارب إما لزيادة الأرباح, وإما لتلميع السمعة..
والأسواق لا منفذ فيها لحركة, ولا فسحة فيها لصوت لشدة تزاحم المسرعين لغاياتهم..
وعربات الرصد الرقابي للسرعة, والفوضى في الشوارع, والطرقات في تحد مع الراكضين يهربون من الزحام..!!
أما الوقت فوحده المختنق بكل هذا..
حيث الإنسان لا يكل من الحركة, ولا تتقلص عنده التطلعات.., ولا حد لديه لشيء..!!
فالمستهلَكات بين يديه تتكاثر, وتتكاثف, ووتتنوع..!
كما الأطماع تتسع, وتتعمق فيه..
فكل شيء يريده الإنسان يفعل من أجله كل شيء..
إلا القناعة أعياها هذا الإنسان فلا تنزل من نفسه في مكان..
مع أن القناعة قيمة, وهي قابلة للنزول من الإنسان في عمق,
وهي تكتسب بالدربة, وبالاجتهاد, وبالتخلص من فائض الرغبات التي تتزاحم في صدره, وتهيمن على حركته, ويسخر لها عزيمته, وجهده..
ومع أن الإنسان ينشد الاستقرار وهو ثمرة القناعة,
ومع أن القناعة هي واحدة من أهم دعاماته, وأعمدته, إلا أنه هذا الإنسان الآن لا يؤسس لها, ولا يجعل في خريطة بنائه الداخلي للقناعة أركاناً وقراراً..
فالإنسان تطغى عليه الرغبة في الاقتناء حتى إن كان ما يقتنيه أسمالاً جديدة ممزقة,
أو كاسية عارية, أو مفرحة محزنة..
زمنه هذا الإنسان اللاهث الراكض جامدٌ, حتى إن وسَمَه بالمتجدد،
محزنٌ وإن كسته ضحكات, لكنها باهتة, كالحة..!!