د. خيرية السقاف
يفقد المرء مصداقيته حين يقول ما لا يفعل, ينشد خلقاً لا يتمثله, يشيد بقيم ليست في منهجه..
أي يظهر بما ليس فيه..!!
في حين يستطيع المرء أن يكون صادقاً مع نفسه لأنه الوحيد الذي يُسِرُّ لها بما يعلمُ منها, وتفضي هي له بما فيها وحده..!!
فعينه ترى فعله, قبل أن يراه سواه, وسمعه يلتقط خفقَه قبل أن تُشير إليه حركته..!
إن المرء حين يصدق مع نفسه فإنه يتخذ السلمة الصحيحة لدربه الصحيح..
فمن لا يعرف دربه يضل منتهاه..!
والناس شهود عليه, حين لا يكون شاهداً هو على نفسه..!
ومن كمال عقل المرء التفكر في ذاته لا التفرد بها,..!
ومن تمام وعيه بهذا دمجها في الحياة خيطاً في نسيجها, وبذراً في حنطة عجينها, وزيتاً في قنديلها,..
لا يتحقق له هذا وهو لا يصدقها حقيقتها, فيضعها في مكانها, بل يستغلها لتفردها فيجمِّل خارجه باللباس, والمركبة, والمجوهرات, والألقاب, والوعود, والتفخيم, والتصدر, والنفاق, والوصولية, مهملاً داخله في دكن عتمة غاياته, أطماعه, وشهواته, ما ينعكس زيفاً في سلوك أقواله, وأفعاله..!
إن المرء حين يترك لنفسه أن تركب عِنانها بلا كابح, فإنها يعمى فيها نظرها..
والذات العمياء في الإنسان أول ما لا تراه حقيقتها, وأول ما تشعر به فتسعى له أن تمنحها كل شيء لتعوضها ما لا ترى منها, وما لا تدري عنها..!!
في حين الناس ترى, وتدري..!!
إذ قد أتاح لهم فرصة رؤيتها تفصيلاً, وكلا..!!
إنه حين يكشف الآخرون هذه الحقيقة فيه يسقط هذا المرء في براثن أشد فتكاً بالإنسان عدم الثقة في صدقه..!
فالمرء ذاتُه الموقعة به في شراكها..!