فيصل خالد الخديدي
تعيش الأوساط السعودية على مختلف مجالاتها ومستوياتها حراكًا سريعًا نحو المستقبل، وذلك بعد إعلان الرؤية الطموحة 2030 التي تراهن على المستقبل وبنائه.. وفرس الرهان في ذلك الإنسان، واستثمارها الأكبر في العقول وبناء الأفكار ودعمها. ومع القرارات التي غيرت وعدلت وطورت في كثير من الوزارات والمؤسسات والمهام أُنشئت الهيئة العامة للثقافة وهيئة الترفيه، وهي مطلب قديم متجدد، تحقق على أرض الواقع اليوم، ويسعى حثيثًا للمستقبل بوعي وتنظيم وجد وحزم.. والثقافة والعناية بها أحد أعمدة رؤية 2030. فثقافة البلد تستحق العناية، ومهام جسيمة تنتظر هيئة الثقافة؛ فتطوير ثقافة البلد مناط بها، ودعم وتعزيز الهوية الوطنية من خلالها، وبناء المجتمع وثقافته والمحافظة على بنيته بتطور دائم من أولويات هيئة الثقافة، ودعم صناعة الثقافة الحديثة والانفتاح على الوسائط الإعلامية والتقنية الجديدة والمتجددة والثقافات المتنوعة ومواقع التواصل المختلفة متطلب للمرحلة, وكذلك إشراك القطاع الخاص في الدعم والمساهمة لرقي ثقافة البلد وأبنائه.
ومع إعلان تأسيس هيئة عامة للثقافة نشطت مواقع التواصل بعدد من الرؤى لمستقبل المؤسسات الثقافية الحالية والعمل المستقبلي لهيئة الثقافة. ومن أبرز ما يدور في أروقة المثقفين رؤية تذهب لدمج جميع المؤسسات الثقافية من أندية أدبية وجمعيات ثقافة وفنون وجمعيات تخصصية فيما يعرف بالمراكز الثقافية، وإلغاء المؤسسات الثقافية، والاكتفاء بالمراكز الثقافية. ومثل هذه الرؤية رغم ما يبدو عليها من بعض الإيجابيات إلا أنها تعيد الثقافة للمربع الأول في تصدير ثقافة أحادية ومركزية، لا تؤمن بتعدد الثقافات وتنوع مشاربها، ولكن إعادة هيكلة الأندية الأدبية وتحديد مسارها الصحيح وتطويرها هي والجمعيات التخصصية وجمعيات الثقافة والفنون، وتوصيف مهام كل مؤسسة على حدة، وضمان عدم تداخل مهامها، ودعمها وفتح الشراكات المجتمعية وربطها جميعًا بإدارة وتنسيق موحد في كل فرع لهيئة الثقافة في كل منطقة، تضمن تعدد المشارب للفعل الثقافي وتنوع مخرجاتنا الثقافية.. أما المراكز الثقافية فتكون المقر الحاضن لتنفيذ أنشطة جميع المؤسسات الثقافية والمنسق لأنشطتها ولأوقاتها، التي تصدر أجندة سنوية بجميع أنشطة المؤسسات الثقافية المنفذة في المركز الثقافي. وبذلك تكون المؤسسات الثقافية بعد إعادة تأهيلها وتنظيمها منفذة ومنتجة للفعل الثقافي وأنشطته، والمراكز الثقافية حاضنة ومنظمة لتنفيذ الأنشطة بمقار مجهزة بصالات عرض مسرحية وقاعات للمعارض والمحاضرات والاجتماعات. ويُكتفى في المؤسسات الثقافية من أندية وجمعيات بمبانٍ أقل اتساعًا، ومرافق تحتوي على مكاتب إدارية ومرفقات أقل؛ وهو ما يخفض مستوى الصرف على المرافق والمباني، ويوجه الدعم والصرف للمناشط والفعل الثقافي الحقيقي الذي يغير في ثقافة المجتمع، ويبني فكر أبنائه، ويختصر كثيرًا من الخطى والخطوات نحو مستقبل مشرق، ويحقق الشيء الكثير من الرؤية الطموحة 2030 في مجال الثقافة وصناعة الإنسان، بما يستحق أن يعاش في نماء لوطنيته وبعدًا به عن مواضع التطرف والانحلال.